للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد انتهز الفاتيكان فرصة هزيمة سنة ١٩٦٧ فأرسل سماسرته ليشتروا الأرض من العرب المحرجين فى مدينة القدس، وهذا تصرف محقور.

ونحن نعلم أن شوارع بأسرها تكاد تشترى فى مدن مصر وقراها لينكمش الإسلام فوق تربتها، ويتحول المسلمون عليها غرباء، فلم ذلك ولحساب من؟

إن حرب شراء الأراضى واحتكار المبانى بدأت فعلاً، ولكى نبصر المسلمين بنتائجها نذكر لهم قصة " قبرص " كما ذكرنا فى كتابنا " مع الله " وقصة سنغافورة التى كانت فيما مضى (!) مسلمة السكان والحكم، وأمست الآن لا صلة لها بالإسلام!!

قبرص

فتحت قبرص فى المد الإسلامى الأول على عهد الخلافة الراشدة، فتحها معاوية بن أبى سفيان حين كان والياً على الشام، وكانت شئونها الإدارية تتبع إحدى المحافظات السورية لموقعها شرقى البحر المتوسط.

ومذ دخلها العرب ونشأ فيها الإسلام لم تتغير أوضاعها المعنوية ولا الإدارية، فقد أصبحت بلداً مسلماً منذ أربعة عشر قرناً.

وبعد انتهاء الخلافة العربية ورثت الخلافة التركية قبرص فيما ورثت من ديار الإسلام الشاسعة، إلا أن الترك فى القرن التاسع عشر كانوا يترنحون تحت الفساد السياسى الذى نخر كيانهم والضغط الصليبى الذى قطع أوصالهم، فوثبت إنجلترا ـ أم الخبائث فى ميدان الاستعمار ـ على قبرص، وجعلتها قاعدة عسكرية لها بعدما أبرمت اتفاقاً مع العثمانيين بردها إليهم عندما تستغنى عنها (!)

وبدأ الإنجليز يستقدمون العمال اليونانيين بكثرة ليخدموا فى القاعدة العسكرية، ثم بدأوا يغرونهم بالتوطن فى الجزيرة.

فما هى إلا سنوات حتى كثر عددهم، وزاحموا المسلمين مزاحمة شديدة سواء كانوا تركاً أو عرباً فأخذ الميزان السكانى يتذبذب، ثم أصبح ربع السكان من المسلمين الأتراك، والثلاثة أرباع من اليونانيين المسيحيين..

وما أن شعر المسيحيون بتفوقهم العددى حتى طلبوا الاستقلال تمهيداً للانضمام

<<  <   >  >>