للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان الفيلسوف الألمانى " نيتشه " ملحداً، وكان كفره بالله شديداً. ومما يؤثر عنه قوله فى الهجوم على الدين " عندما نستمع فى صباح الأحد إلى دقات الأجراس القديمة نتساءل: أهذا ممكن؟ إن هذا كله من أجل يهودى صلب منذ ألفى عام كان يقول إنه ابن الله!! وهو زعم يفتقر إلى برهان..

" لا جدال أن العقيدة المسيحية ـ هكذا يقول نيتشه ـ هى بالنسبة إلى عصرنا أثر قديم نابع من الماضى السحيق، وربما كان إيماننا بها فى الوقت الذى نحرص فيه على الإتيان ببراهين دقيقة لكل رأى نعتنقه شيئاً غير مفهوم، فلنتصور إلهاً أنجب أطفالاً من زوجة غانية، وخطايا ترجع إلى الله ثم يحاسب هو نفسه عليها خوفاً من عالم آخر يكون الموت هو المدخل إليه! لكم يبدو كل ذلك مخيفاً، وكأنه شبح قد بعث من الماضى السحيق! أيصدق أحد أن هذا ما زال يصدق

وهذا الطراز من الإلحاد هو الذى يحمل جرثومته بعض الناس، يحسبون أنهم يفتنوننا به نحن المسلمين عن ديننا ويصرفوننا عن رسالتنا..

وهو طراز يختلط فيه التقليد الأعمى بالنقص المركب، أو حب الظهور بالحقد على المجتمع.. أما الزعم بأن العلم المادى ضد الدين، وأن بحوثه المؤكدة وكشوفه الرائعة تنتهى بإنكار الألوهية فهذا هو الكذب الصراح..!

بل إن أساطين العلم والفلسفة تشابهت مقالاتهم فى إثبات الوجود الأعلى، وتكاد فى وصفها لله تنتهى إلى ما انتهى إليه القرآن الكريم من توحيد وتمجيد..

نحن لا ننكر أن خصاماً شديداً قد وقع بين العلم والدين فى أوربا حيث كان القول بكروية الأرض كفراً، والقول بدورانها حول الشمس إلحاداً!!

ولا ريب أن هذه الجفوة المفتعلة بين حقيقة الدين وطبيعة العلم تركت آثاراً سيئة هنا وهناك، بيد أن الاعتماد على هذا فى التجهم للإيمان الحق لا يسوغ، فإن تجريد الدين من الشوائب التى لحقت به، والتزام العلم للنهج السوى فى البحث عن الحقيقة قد انتهى بصلح شريف يذكرنا بقوله جل شأنه:

" سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شىء شهيد " (فصلت) .

<<  <   >  >>