للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيوان، كل واحد من هذه الألوف المؤلفة يمثل الخصائص المعنوية والمادية للإنسان من الطول والقصر والسواد أو البياض والذكاء أو الغباء والشدة أو الهدوء.. الخ.

ويبدأ التكون الإنسانى بوصول واحد ـ لا غير ـ من هذه الألوف الكثيفة إلى البويضة وتفنى البقية.

قلت: فلأقف عند نقطة الابتداء هذه لأسأل: من الذى صنع هذه الحيوانات السابحة فى سائلها، الحاملة لخصائص السلالة الآدمية من أجيال خلت؟

قالوا: غدة فى الجسم!

قلت: غدة أوتيت الذكاء والوعى والاقتدار على خلق مائة مليون كائن من طراز واحد! مجموعة دراهم من اللحم تتصرف من تلقاء نفسها فى صنع الذكاء أو الغباء، والحلم أو الغضب؟

ما يصدق هذا إلا مغيب العقل!! وتلوت قوله تعالى:

" أفرأيتم ما تمنون. أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون؟ " [الواقعة: ٥٨]

إننا أمام أدوات القدرة الإلهية العليا وهى تبرز مشيئة الخلاق الجليل، وكأنها تقول لنا: إن خلق الله للعالم ليس فيه شائبة غرابة! أليس يخلق فى كل لحظة تمر ألوفاً من الناس وألوفاً من الدواب، وصنوفاً من النبات؟؟

إن إبداع الخليقة ليس فلتة وقعت وانتهت، وأمست فى ذمة التاريخ بحيث يستطيع المكابرون أن يجادلوا فيها.. لا.. إن الإيجاد من الصفر يقع أمام أعيننا كل يوم فى عالم الأحياء فلم هذا المراء.

إن بديع السموات والأرض لا يزال يخلق فى كل وقت وفى كل بر صنوفاً من الأحياء الدقيقة والجليلة لا حصر لها، فكيف ينكر ما كان من خلق أول أو ما سوف يكون من بعث وجزاء؟

" أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده. إن ذلك على الله يسير. قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة. إن الله على كل شىء قدير " [العنكبوت: ٢٠] .

ولنفرض جدلاً أن بعض الناس يرى أن الفلك الدوار يجرى فى الفضاء دون

<<  <   >  >>