ولكن الاستعمار الأنانى الشره يريد التهام كل شىء لنفسه وحده، بل الأنكى من ذلك أنه يعترض طريق كل نهضة تصحح الأوضاع كى تبقى الأمور كما هى ويبقى منطقه السقيم فى علاج الأمور.
على أن تخلف العالم الثالث ليس علة أزلية ولا أبدية فقد كان الأوربيون والأمريكيون أسوأ حالاً منذ قرون تعد على الأصابع، وكانت الخرافة تفتك بعقولهم فتك الأدران والعلل بأجسامهم، فإذا صعدوا فى سلم الترقى وهبط غيرهم بعد رفعة أو بدأ لأول مرة يخطو على درب المدنية فلا معنى للاحتيال عليه والتشفى منه.
" كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم "
والأمر لا يستدعى أكثر من تغيير الظروف المؤثرة فى أحوال المجتمعات فهناك مكان ينبت العز ـ كما يقول المتنبى ـ ومكان ينبت الذل. وهناك آخر يوقظ العقل أو ينيمه.
والمعتوهون الذين يصرخون جزعين: قفوا نسل الأرانب حتى لا تقول الساعة، أو حتى ترقى الأمة.. لا يعلمون أن العالم الثالث لن يرقى ولو فقد تسعة أعشار عدده ما بقيت ظروف النفسية والفكرية جامدة على أوضاعها الحالية.
ونعود مع كاتب الأهرام لنبصر الواقع حيث يقول:
" إن موارد العالم خصوصاً موارد البلاد المتخلفة ما زالت تفوق كثيراً زيادة أعداد السكان، فالفائض الاقتصادى المحتمل يمكن تحويله إلى ضروب من النشاط المنتج بدلاً من أن يذهب إلى جيوب المرابين والوسطاء وملاك الأرض أو يتبدد فى وجوه السرف المختلفة..
" وهذا الفائض هو ما يعرفه الاقتصاديون بأنه الفرق بين الإنتاج فى ظروفه الطبيعية وبين ما يعد استهلاكاً ضرورياً للجماعة المنتجة، ويقدر هذا الفرق بنحو ٢٠ % من الإنتاج القومى، وهو يكفل عند استثماره زيادة سنوية فى الدخل تبلغ ٨ %، وهذه الزيادة تكفى بل تفيض عن متطلبات الزيادة السكانية ".
الفقر الواقع أو المتوقع لا يعود إذن إلى علل طبيعية بل إلى سوء تصرف