للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[مقدمة الطبعة الأولى]

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعد،،،

فالذي لا شك فيه أن كثرة كثيرة من الناس تشكو من درس النحو العربي، ومما تعانيه من الكد في سبيل إتقانه وإقامة ألسنتها وأقلامها عليه. وعجيب أمر هذه اللغة المفترَى عليها! وعجيب أمر نحوها! فمنذ فجر الحضارة العربية نهض أصحاب هذه اللغة يدرسونها ويضعون القوانين التي تحكمها حتى إننا لا نعرف لغة اهتم بها أصحابها قدر ما لقيت العربية من اهتمام، ومنذ عصر الخلفاء الراشدين رضوان الله عنهم والعلماء يتتابعون واحدا في إثر واحد ومدرسة بعد مدرسة، في إنشاء النحو العربي وتطويره وتأصيله، حتى بلغ مرحلة من النضج العلمي والوضوح المنهجي لم يبلغها علم آخر.

يقول المستشرق الألماني "يوهان فك" ولقد تكلفت القواعد التي وضعها النحاة العرب في جهد لا يعرف الكلل، وتضحية جديرة بالإعجاب بعرض اللغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها، من ناحية الأصوات، والصيغ، وتركيب الجمل، ومعاني المفردات على صورة شاملة، حتى بلغت كتب القواعد الأساسية عنده مستوى من الكمال لا يسمح بزيادة لمستزيد١.

وتلك حقيقة لا نستشهد بكلام مستشرق على صوابها؛ ولكنا نشير فحسب إلى هذا النحو وقدرته على حفظ العربية طوال هذه القرون، وصيانتها من التحلل والفساد، وذلك وحده كافٍ أن نطرح من فكرنا تشكيك الناس في النحو العربي، وعلينا أن نبحث عن الداء في موطن آخر.


١ يوهان فك: العربية، دراسة في اللغة واللهجات والأساليب، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، مطبعة الخانجي، القاهرة ١٩٥١، ص٢.

<<  <   >  >>