ونحن نؤمن بضرورة تدريس النحو في جامعاتنا في مظانه القديمة إلى جانب الدرس التطبيقي، ولقد كان ذلك نهج القدماء قدموا لنا كتبا تضم أبواب النحو وتَوَفَّر عدد منهم على معالجة النصوص معالجة نحوية تطبيقية؛ فكثير من كتب التفسير يهتم بالقضايا النحوية في النص كما أفرد غير واحد كتبا خاصة في تحليل القراءات القرآنية تحليلا نحويا كما نعرف عن أبي علي الفارسي في كتابه "الحجة في القراءات السبع"، وعن تلميذه ابن جني في كتابه "المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها"، وكتب آخرون كتبا في إعراب القرآن مثل "إعراب القرآن" المنسوب إلى الزجاج، و"إعراب ثلاثين سورة من القرآن" لابن خالويه، و"إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن" لأبي البقاء العكبري، كما كتب ابن جني شرحا نحويا لديوان المتنبي.
ومن هذه الطريقة، ومن الإيمان بضرورة تدريب الطلاب على درس النحو درسا تطبيقيا، نقدم هذا الكتاب وقد قسمناه بابين: أولهما عن الكلمة، وثانيهما عن الجملة، ثم ألحقنا به قسما خاصا عن بعض المتفرقات التي لها استعمالات معينة بالإضافة إلى نماذج إعرابية.
ويرى الدارس أننا نعتمد في عرض المادة النحوية على المصطلحات القديمة مع شرح ما تعنيه هذه المصطلحات بالأمثلة الموضحة وطريقة إعراب كل مثال، ثم ذيلنا كل قسم بتدريبات من القرآن الكريم، وغني عن البيان أن هذا الكتاب لا يعرض لشرح أبواب النحو جميعها على طريقة الكتب التفصيلية، وإنما يهدف إلى تقديم الاستعمالات المختلفة للجملة مع تحليلها تحليلا نحويا تطبيقيا، ولقد دلت التجربة على أن هذه الطريقة التطبيقية -بجانب الدرس اللغوي- تأخذ بيد الطالب إلى فهم أصول الجملة العربية وإلى إدراك نظامها ومن ثم إلى إتقان النحو إتقانا واضحا.