للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل أن نتعمق في بيان تفاصيل هذا المبحث .. أُذكِّر بثلاثة أمور:

أولًا: أنه علينا أن نستجمع قواعد التدبر (١) بمسألة البحث عن المناسبات بين الآيات والسور الكريمة (٢) لأنه من غير علم المناسبات لن نصل إلى هذه الفوائد ولا حتى بجزء يسير منها.

ثانيًا: أن القرآن الكريم في أحايين كثيرة يخاطب القارئ ... بأسلوب الخطاب العام (٣) ــ وهذا ما لَحِظناه في سورة الفاتحة ومقدمة سورة البقرة ــ الذي يكون للعاقل، بمعنى أنه للجميع (كافرهم ومسلمهم) إلا إذا كان هناك نداءٌ مخصصٌ؛ مثل: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا}

وغيرها، ومع ذلك فهذه الخطابات تستوعب الجميع، بمعنى أن لها فوائد يستفيد منها كل من يقرؤها (٤)، على مختلف عقائدهم


(١) مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور (١/ ٨٨).
(٢) عن عبد الله بن مسلم بن يسار، عن أبيه، قال: إذا حدثت عن الله فقف، حتى تنظر ما قبله وما بعده، (تفسير ابن كثير ١/ ١٣).
(٣) وهذا باب واسع لا تسعه المؤلفات، راجع أيضا البرهان (١/ ١٣٠)
(٤) ولطاهر ابن عاشور يرحمه الله وقفات جميلة في هذا الجانب منها ما فسره بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)} (سورة النساء ٦٦) قال: وقال الفخر هي توبيخ للمنافقين، أي لو شددنا عليهم التكليف لما كان من العجب ظهور عنادهم ولكن رحمناهم بتكليفهم اليسر فليتركوا العناد، وهي على هذا الوجه تصلح أن تكون تحريضاً للمؤمنين على امتثال أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وانتفاء الحرج عنهم من أحكامه، فإنه لم يكلفهم إلا اليسر، كل هذا محمول على أن المراد بقتل النفوس أن يقتل أحد نفسه بنفسه، ويُنظر كتابنا: تأملات في رؤيا يوسف - عليه السلام - إذ استنبطنا من كلمة الكواكب أكثر من معنى.

<<  <   >  >>