على صحة دعواهم، وإن هي إلا ظنون وأوهام أنبتتها بذور الحقد والكراهية لهذا الدين ولنبيه.
ثالثا: ومن معجزات القرآن الكبرى أنه صالح لكل زمان ومكان، وأن أدلته وبراهينه التي تحدى بها كفار مكة وأهل الكتاب في المدينة هي بعينها ما زالت مصدرا للتحدى لكبار المستشرقين ومن سار في فلكهم؛ ذلك أن أهل الكتاب بالمدينة وقبلهم مشركو مكة لما قالوا: إن القرآن من عند محمد وأنه إفك افتراه تحداهم القرآن على لسان الرسول بحجة سهلة وميسورة لكل عربي، فقال لهم: إذا كنتم عربا ومحمد عربي مثلكم، وقد أتى بهذا القرآن من عند نفسه، فأتوا بآية من مثله، أو بسورة، أو بعض سورة مثله مفتريات، وهذه حجة في غاية الإقناع والإقحام في نفس الوقت أنها ملزمة للخصم فهو إما أن يأتي بمثل القرآن إن كان بشريًّا تصديقا لدعواه، أو يسلم بأنه من عند الله فيؤمن به، فإذا أصر على موقفه بعد ذلك فإنه بذلك يكون خارجا عن مجال الحوار العلمي إلى مجال العناد والاستكبار، وهذا هو شأن المشركين قديما والمستشرقين حديثا، كما قال القرآن حاكيا عنهم:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنغام: ٣٣] .
ومن تمام نعم الله على عباده ومن كمال حجته على خلقه أن آيات النبوة وبراهين الرسالة الخاتمة معلومة لكل الخلق، وفي استطاعتهم العلم بها، وقد يكون عند بعضهم من دلائل نبوته ما لا يوجد