أولا: أما عن قول رينان بأن العقلية العربية أقل شأنا من العقلية الآرية فهذه دعوى تفتقر إلى الدليل البرهاني، ولا يملك رينان في دعواه هذه إلا التعصب للجنس والثقافة، وما أشبه هذه الدعوى بأكذوبة إسرائيل في وقتنا الحاضر بأنهم شعب الله المختار الذي يجب أن يسود العالم، ولعل هذه الدعوى الأخيرة امتداد لسابقتها، وما أسهل على المرء أن يرسل الدعاوى العامة على علاتها بلا دليل؛ لكي ينفس بها عن رغبة ملحة أو هوى مكبوت، والمنهج العلمي الصحيح يرفض تماما أمثال هذه الدعاوى، ومن الخطأ الفاحش أن يظن رينان أن الفلسفة الإسلامية وليدة الفكر العربي وحده، أو العقلية العربية وحدها؛ فلقد أسهم فيها مفكرون من شعوب أخرى مختلفة الجنس واللون من فرس وهنود وأتراك وسوريين ومصريين وبربر وأندلسيين.
ثانيا: الإسلام قد حث أبناءه على المعرفة وطلب العلم ولم يقف في وجه طالب العلم أيا كان هذا العلم -عكس دعوى رينان- بل أن الإسلام جعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وقال لأبنائه اطلبوا العلم ولو بالصين، وكلمة العلم ينبغي أن تفهم هنا بعناه العام المطلق الذي يشمل العلم الديني والدنيوي معًا، وليس كما يدعيه بعض الباحثين بأن الإسلام لا يعرف العلم، إلا بالمعنى الديني فقط، ولو كان المراد بالعلم هنا معناه العلم الديني فقط لما حثهم الرسول على الترحال في طلبه إلى الصين في الوقت الذي كان هو موجودا بين أظهرهم وهو مصدر كل علم ديني للمسلمين.
ثالثا: وإذا كان الجزء الأول من دعوى رينان يدل على تعصبه لجنسه فإن الجزء الأخير من هذه الدعاوى يدل على جهله بروح الإسلام وموقفه من العلم والنظر والتأمل الفكري المنزه عن