إن تاريخ الرياضيات المعاصر يدين بالفضل إلى حدٍّ كبير لتراث العرب وما خلفوه من مؤلفات في هذا العلم ظلت حبيسة المكتبات والمتاحف وفي بطون المخطوطات إلى وقت قريب، وللأسف الشديد فقد اهتم غير المسلمين وغير العرب بهذا التراث، ونفضوا عنه غبار الزمن، وفتحوا له صدورهم وعقولهم، وأنشأوا لإحيائه المؤسسات والمراكز البحثية، ورصدوا لطباعته ونشره الميزانيات الضخمة، بل إن العرب والمسلمين لم يعرفوا قيمة هذا التراث إلا بعد أن وقف الغرب على نشره وتحقيقه الجهود الكبيرة، ولعل من أكبر المهتمين بإبراز دور العرب في النهضة العلمية في أوربا "جورج سارتون" في كتابه "تاريخ العلم"، و"ل. ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة"، كما أفرد العالم الإيطالي "أولدو ميلي OLDO MIELI" مجلدًا خاصًّا لبيان فضل العرب في الرياضيات، وكذلك ينبغي ألا ننكر فضل "يوسكوفيتش" في كتابه "تاريخ الرياضيات"؛ حيث عقد فصلا خاصا أسماه الرياضيات العربية.
ولقد اطلع العرب على علوم الأمم الأخرى حيث امتزجت الحضارة الإسلامية بالحضارات المجاورة للأمم الأخرى في الهند وفارس، وصارت بغداد بوتقة انصهرت فيها هذه الحضارات في مدرستي الكوفة، والبصرة، وفي بغداد العاصمة التي تأسست فيها مدرسة رياضية كبيرة تمت فيها ترجمة رياضيات "أرشميدس" و"بطليموس"، وانتقلت إليها نظريات "فيثاغورس" في الهندسة.