وأهدافها، وما دامت هذه الحملات لم تحقق الهدف الذي قامت من أجله، فلا بد من البحث عن بديل آخر، ولا بد من التفكير في وسيلة أخرى -ربما كانت طويلة الأجل- تحقق لهم هدفهم من السيطرة على شعوب المنطقة وإخضاع العالم الإسلامي لنفوذهم الثقافي والحضاري ثم السياسي والاقتصادي، وكان الاستشراق هو ذلك البديل المتاح في حينها؛ ليحقق أحلام الغرب وأهدافه.
وإذا كانت فكرة السيطرة على العالم الإسلامي تمثل الهدف والغاية، من نشأة الاستشراق فإن ذلك لا يمنع أن يتجاوز الاستشراق هذا الهدف في سيرته التاريخية إلى أهداف أخرى علمية أو الأسمى للاستشراق لم يغب عن ذهن المستشرقين لحظة واحدة، بل كان هو المحور والأساس الذي دارت حوله معظم دراسات المستشرقين التي قاموا بها حول الشرق وعلومه، وقد تختلف درجة وضوح هذا الهدف ووسيلة التعبير عنه من شخص إلى آخر ومن جيل إلى جيل من المستشرقين، إلا أن ذلك لم يكن سببه غياب الهدف عن ذهن هذا المستشرق أو ذاك، وإنما كان سببه يرجع إلى حظ المستشرق نفسه من الثقافة العربية ودرجة اتقانه لها، وذكائه في أسلوب التعبير عن غايته وهدفه، تصريحا أو تلميحا.
ولقد تغير أسلوب المواجهة بين العالم الإسلامي والغرب بعد الحروب الصليبية فاحتلت الكلمة والحوار واستخدام المنهج العلمي