للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاستشراق والتنصير وأن هدف الفريقين واحد، وإن اختلفت الوسائل، فالمبشرون يستفيدون من دراسات المستشرقين لخصائص البلاد وأحوالهم وعاداتها وإمكاناتها للتقرب إلى أهلها بأيسر السبل، والتعاون قائم بين الفريقين لاستقطاب أهل الرأي في المنطقة للسيطرة عليها بكل الوسائل المتاحة.

ولقد ركزت حملات التنصير في العصر الحديث على أطراف العالم الإسلامي والمناطق النائية في شرق وجنوب شرق آسيا، وبصفة خاصة في أندونيسيا ووسط أفريقيا والمناطق الاستوائية، مستعينين في ذلك بالخدمات الاجتماعية التي يقدمونها لأهالي هذه المناطق كالمعونات الاقتصادية والخدمات الطبية ودور الأيتام وكبار السن وتأسيس المدارس بمراحها المختلفة، ومما يلفت النظر حقا أنه رغم كل هذه الجهود المضنية فإن النتائج التي حصلوا عليها كانت مخيبة لآمالهم مما دعاهم إلى معاودة النظر في الأسلوب والوسيلة مرات ومرات، ولعل أبرز ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر كلورادو سنة ١٩٧٨م هو محاولة خلق البيئة النلائمة للنسلن الذي يراد تنصيره فبدلا من التركيز على تنصير الفرد أخذوا يركزون على تنصير البيئة والجماعة كوحدة متكاملة يراد تنصيرها حتى لا يشعر الفرد بالغربة أو العزلة إذا ترك دينه منفردًا، أما إذا كانت الجماعة كلها محور العمل التنصيري فإن الفرد لا يحس فيها بالغربة أو العزلة، لأنه حينئذ سيكون فردًا في جماعة متكاملة، وهذا ما سعى المنصرون؛ لتحقيقه في كثير من المناطق النائية الآن، ولعل من أبرزها ما يجري في أندونيسيا وأفريقيا.

<<  <   >  >>