وقال -تعالى-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣] ، فكلما نشأت بدعة قيض الله لها مَنْ يُزَلزِل أركانها، ويهدمُ بنيانَها، ويشرِّدها عن أوطانها، ويجيء {بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}[الأنبياء: ١٨] ، إلا أن حزب البدع، وزخرفة أهلها {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً}[النور: ٣٩] ، يلجأ إلى ما لفّقه الملفقون من القول، وزخرفة الذين اتَّبعوا الهوى، إرضاءً للعوامّ، وتضليلاً لهم {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}[البقرة: ١٦] ، وأنصار الحق ينادونهم في كل زمان {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم}[طه: ٦١] في الأرض، ارجعوا إلى ما كان عليه أصحاب نبيكم الصادق والخلفاء الراشدون.
إنَّ الأنبياء جاؤوا بالبيان الكافي، وقابلوا الأمراضَ بالدَّواء الشَّافي، وتوافقوا على منهاج واحد، لم يختلف، فجاء الشّيطانُ يُحَسِّنُ للناس ما كان عليه أهل الجاهلية، وما كان طريقاً للوصول إليه، «ومن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه»(١) ، كما قال سيد المرسلين.
(١) قطعة من حديث النعمان بن بشير، أوله: «إنّ الحلال بيّن، وإنّ الحرام بيِّن ... » ، أخرجه البخاري (٥٢، ٢٠٥١) ، ومسلم (١٥٩٩) في «صحيحيهما» .