للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• مالك [١٥٥٧] عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنزى في جرحه فمات فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال له عمر اعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك فلما قدم إليه عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ثم قال أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا قال: خذها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لقاتل شيء (١). ابن أبي شيبة [٣٢٠٤٤] حدثنا أبو خالد عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن قتادة رجلا من بني مدلج قتل ابنه، فأخذ به عمر بن الخطاب مئة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، وقال لابي المقتول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس لقاتل ميراث. البيهقي [١٦٩٢٩] من طريق هشيم حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلا من كنانة يقال له قتادة أمر ابنا له ببعض الأمر فأبطأ عليه فتحذفه بالسيف فقطع رجله فمات فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: لأقتلن قتادة فأتاه سراقة بن مالك فقال يا أمير المؤمنين إنه لم يرد قتله، وإنما كانت بادرة منه في غضب فلم يزل به حتى ذهب ما كان في نفسه عليه.

ثم قال: مره فليلقني بقديد بعشرين ومائة من الإبل ففعل فأخذ عمر منها ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ثنية خلفة إلى بازل عامها، ثم قال لقتادة: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس لقاتل شيء. لورثتك منه ثم دعا أخا المقتول فأعطاه إياه. ورواه [١٢٦٠١] من طريق يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مدلج يدعى قتادة كانت له أم ولد وكان له منها ابنان فتزوج عليها امرأة من العرب فقالت: لا أرضى عنك حتى ترعى على أم ولدك فأمرها أن ترعى عليها فأبى ابناها ذلك فتناول قتادة أحد ابنيه بالسيف فمات فقدم سراقة بن مالك بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال له: اعدد لي بقديد وهي أرض بني مدلج عشرين ومائة من الإبل، فلما قدم عمر أخذ ثلاثين جذعة وثلاثين حقة وأربعين خلفة ثم قال: أين أخ المقتول؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس للقاتل شيء. وقال: هذه مراسيل جيدة يقوي بعضها ببعض. اهـ شواهده تأتي.

ورواه ابن أبي شيبة [٢٨٤٦٧] حدثنا أبو خالد عن حجاج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ح وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ح وعن قتادة عن أبي المليح ح وعن عطاء أن قتادة كانت له أم ولد ترعى غنمه، فقال له ابنه منها: حتى متى تستأمي أمي، والله لا تستأميها أكثر مما استأميتها، قال: إنك لههنا؟ فخذفه بالسيف فقتله، فكتب في ذلك سراقة بن جعشم إلى عمر، فكتب إليه: وافني به وبعشرين ومئة، قال حجاج: وقال بعضهم: وبأربعين ومئة، فأخذ منها ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة، فقسمها بين إخوته، ولم يورثه شيئا. والبيهقي [١٦٥٦٦] من طريق عباد بن العوام عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن قتادة بن عبد الله كانت له أمة ترعى غنمه فبعثها يوما ترعاها فقال له ابنه منها حتى متى تستأمي أمي والله لا تستأميها أكثر مما استأميتها فأصاب عرقوبه فطعن في خاصرته فمات. قال فذكر ذلك سراقة بن مالك بن جعشم لعمر بن الخطاب فقال له وائتني من قابل ومعك أربعون أو قال عشرون ومائة من الإبل، قال ففعل فأخذ عمر منها ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة فأعطاها إخوته ولم يورث منها أباه شيئا وقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقاد والد بولد لقتلتك أو لضربت عنقك. اهـ هذا وهم.

ورواه عبد الرزاق [١٧٧٧٨] عن معمر عن الزهري عن سليمان بن يسار أن رجلا من بني مدلج قتل ابنه فلم يقده منه عمر بن الخطاب وأغرمه ديته ولم يورثه منه وورثه أمه وأخاه لأبيه. ورواه البيهقي [١٦٩٢٨] من طريق عبد الله بن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال: بلغنا أن رجلا من بني مدلج قتل ابنا له يقال له عرفجة فأمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخرج ديته فأعطاها أخا للقتيل لأبيه وأمه. اهـ رواية معمر صحيحة.

ورواه عبد الرزاق [١٧٧٧٩] عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة وعن قتادة قالا: اسم الرجل الذي قتل عرفجة فقال عمر لا أقيد به منه فقال سراقة بن مالك بن جعشم يا أمير المؤمنين قد قتله وإنه لأحب إليه من بصره ولكنه كانت عند عصبه فقتله وهو لا يريد قتله فأمر بجميع ماله ثم غلظ عليه العقل قالوا فمن يرثه يا أمير المؤمنين قال في في عرفجة التراب فورثه أمه وأخاه. وقال عبد الرزاق [١٧٧٨٤] عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال قتل رجل أخاه في زمن عمر بن الخطاب فلم يورثه فقال يا أمير المؤمنين إنما قتلته خطأ قال لو قتلته عمدا أقدناك به. اهـ هذا شاهد لرواية هشيم.

وقال عبد الرزاق [١٧٧٨٠] عن ابن جريج عن عبد الكريم وذكر أن قتادة المدلجي كانت له جارية فجاءت برجلين فبلغا ثم تزوجا فقالت امرأته لا أرضى حتى تأمرها بسرح الغنم فأمرها فقال ابنها نحن نكفي ما كلفت أمنا فلم تسرح أمهما فأمرها الثانية فلم تفعل وسرح ابنها فغضب وأخذ السيف وأصاب ساق ابنه فنزف فمات فجاء سراقة عمر بن الخطاب في ذلك فقال وافني بقديد بعشرين ومئة بعير فإني نازل عليكم فأخذ أربعين خلفة ثنية إلى بازل عامها وثلاثين جذعة وثلاثين حقة ثم قال لأخيه هي لك وليس لأبيك منها شيء وذكروا أنهم عذروا قتادة عند عمر فقالوا لم يتعمده إنما أراد الحدب فأخطأته فغلظ عمر ديته فجعلها شبه العمد. اهـ وهذا خبر صحيح عن أمير المؤمنين قدس الله روحه.

وروى مالك [١٥٥٩] عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير أن رجلا من الأنصار يقال له أحيحة بن الجلاح كان له عم صغير هو أصغر من أحيحة وكان عند أخواله فأخذه أحيحة فقتله فقال أخواله: كنا أهل ثُمِّهِ ورُمّه (٢) حتى إذا استوى على عممه غلبنا حق امرئ في عمه، قال عروة: فلذلك لا يرث قاتل من قتل (٣) اهـ مرسل جيد (٤).

وقال ابن أبي شيبة [٣٢٠٤٥] حدثنا حفص عن حجاج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قال عمر: لا يرث القاتل. اهـ

وقال عبد الرزاق [١٧٧٨٩] عن أبي بكر بن عياش عن مطرف عن الشعبي أن عمر بن الخطاب قال: لا يرث القاتل من المقتول شيئا وإن قتله عمدا أو قتله خطأ. ابن أبي شيبة [٣٢٠٤٦] حدثنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن الشعبي قال: قال عمر: لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ. اهـ ورواه الدارمي والدارقطني من طريق ابن عياش وليس بالقوي.

وروى البيهقي [١٢٦٠٩] من طريق حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال: أيما رجل قتل رجلا أو امرأة عمدا أو خطأ ممن يرث فلا ميراث له منهما وأيما امرأة قتلت رجلا أو امرأة عمدا أو خطأ فلا ميراث لها منهما وإن كان القتل عمدا فالقود إلا أن يعفو أولياء المقتول فإن عفوا فلا ميراث له من عقله ولا من ماله، قضى بذلك عمر بن الخطاب وعلي وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين. اهـ


(١) - ثم ذكر مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا أتغلظ الدية في الشهر الحرام فقالا: لا ولكن يزاد فيها للحرمة فقيل لسعيد: هل يزاد في الجراح كما يزاد في النفس فقال نعم. قال مالك أراهما أرادا مثل الذي صنع عمر بن الخطاب في عقل المدلجي حين أصاب ابنه. وقال أبو عمر في التمهيد [٢٣/ ٤٣٧] هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم يستغني بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه حتى يكاد أن يكون الإسناد في مثله لشهرته تكلفا.
(٢) - قال أبو عبيد في الغريب [٤/ ٤٠٣] في حديث عروة حين ذكر أُحَيْحَة بن الجُلاح وقول أخواله فيه: كنا أهل ثُمِّهِ ورُمِّهِ حتى استوى على عُمَمَهِ، هكذا يحدثونه أهل ثُمِّهِ ورُمِّهِ بالضم ووجهه عندي ثَمّهِ ورَمّهِ بالفتح، والثَّمُّ إصلاح الشيء وإحكامه يقال منه ثَمَمْتُ أَثُمّ ثَمًّا. والرَّمُّ من المطعم يقال: رَمَمْتُ أرُمُّ رَمًّا ومنه سميت مِرَمَّةُ الشَّاة لأنها تأكل بها. ثم قال وقوله استوى على عَمَمِه أراد على طوله واعتدال شبابه ومنه يقال للنبات إذا طال: قد اعتَمَّ وبه سمّيت المرأة التامّة القَوام والخلْقِ عَمِيْمَة.
(٣) - ثم قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن قاتل العمد لا يرث من دية من قتل شيئا ولا من ماله ولا يحجب أحدا وقع له ميراث وأن الذي يقتل خطأ لا يرث من الدية شيئا وقد اختلف في أن يرث من ماله لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه وليأخذ ماله فأحب إلي أن يرث من ماله ولا يرث من ديته .. اهـ
(٤) - قال أبو عمر في الاستذكار [٨/ ١٣٨] أما قول عروة أن رجلا من الأنصار يقال له أحيحة فإنما أراد أن أحيحة من القبيلة والقوم الذين يقال لهم الأنصار في زمنه وهم الأوس والخزرج لأن الأنصار اسم إسلامي قيل لأنس بن مالك: أرأيت قول الناس لكم الأنصار اسم سماكم الله به أم كنتم تدعون به في الجاهلية فقال بل اسم سمانا الله عز وجل به في القرآن وأحيحة لم يدرك الإسلام لأنه في محل هاشم بن عبد مناف وهو الذي خلف على سلمى بنت عمرو بن زيد من بني عدي بن النجار بعد موت هاشم عنها فولدت له أحيحة فهو أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه، وقد غلط في أحيحة هذا غلطا بينا بعض من ألف في رجال الموطأ فظنه صاحبا وهو أحيحة بن الجلاح بن الحريسن بن حجب بن خلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس وزوجته سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وإنما فائدة حديث عروة هذا أن أهل الجاهلية كان منهم من يقتل قريبه ليرثه وإنما ذلك كان منهم معروفا وعنهم مشهورا فأبطل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته وسن لأمته ألا يرث القاتل من قتل وهي سنة مجتمع عليها في القاتل عمدا. وروى سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير أنه قال: ما ورث قاتل ممن قتل بعد أحيحة بن الجلاح. اهـ المقصود.