الميم للوزن أيها المحدث على حديثه (بوصله) أي بكونه موصولًا مسنداً أتى عن رواة مُسَمَّينَ معروفينَ إلا أن يتبين خلاف ذلك لكن هذا مشروط بشرطين ذكرهما بقوله:
(إن اللقاء) أي لقاء المعنعِن بكسر العين الثانية والمُعَنعَن عنه بفتحها، وكذا في المؤنن، فقوله: اللقاء فاعل لفعل محذوف وهو فعل الشروط يفسره قوله: (يعلم) بكسر الميم للروي، أي إن يعلم اللقاء المذكور المكنى به عن السماع، بأن يثبت ذلك، ولو مرة، وهذا هو الشرط الأول (ولم يكن) المعنعن بالكسر وكذا المؤنّنُ (مدلسا) اسم فاعل من التدليس، وهو كما سيأتي أن يروي المحدث عمن عاصره، ولم يلقه، أو لقيه ولم يأخذ منه موهماً أنه سمعه كأن يقول: قال فلان أو عن فلان، وهذا هو الشرط الثاني.
وحاصل معنى الكلام أن من روى الحديث معنعناً أو مؤنناً يحكم لإسناده بالاتصال إذا ثبت لقاء الراوي لمن روى عنه، وسَلِمَ من التدليس، وزاد ابن عبد البر شرطاً ثالثاً، وهو عدالة المخبرين، وهذا القول الصَّحِيح الذي عليه العمل، وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول، قال ابن الصلاح: ولذا أودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم.
وقد ادعى أبو عمرو الداني إجماع أهل النقل عليه، وكذا ابن عبد البر في مقدمة التمهيد، والحاكم والخطيب، قال السخاوي: ويخدش في دعوى الإجماع قول الحارث المحاسبي وهو من أئمة الحديث والكلام: ما حاصله: اختلف أهل العلم فيما يثبت به الحديث على ثلاثة أقوال: أولها: أنه لا بد أن يقول كل عدل في الإسناد، حدثني، أو سمعت إلى أن ينتهي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يقولوا أو بعضهم ذلك فلا لما عرف من روايتهم بالعنعنة فيما لم يسمعوه.
إلا أن يقال إن الإجماع راجع إلى ما استقر عليه الأمر بعد انقراض