للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيأتي تقريره في الكلام على الإجازة. وهذه هي الحالة الثالثة، إلا أن الفرق بينها وبين الحالة الأولى مبني على الفرق فيما بين السماع والإجازة لكون السماع أرجح، وبقي حَالَة أخرى لهذه اللفظة وهي خفية جداً لم ينبه أحد عليها في علوم الحديث مع شدة الحاجة إليها، وهي أنها ترد ولا يتعلق بها حكم باتصال ولا انقطاع بل يكون المراد بها سياق قصة سواء أدركها الناقل أو لم يدركها ويكون هناك شيء محذوف فيقدر.

مثال ذلك ما أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن أبيه قال أبو بكر بن عياش: حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه.

لم يرد أبو إسحاق بقوله عن أبي الأحوص أنه أخبره بما وإنما فيه شيء محذوف تقديره عن قصة أبي الأحوص أو عن شأن أبي الأحوص وما أشبه ذلك، لأنه لا يكون أبو الأحْوصَ حدثه بعد قتله، ثم ذكر أمثلة لذلك، ثم قال وأمثله هذا كثيرة، ومن تتبعها وجد سبيلًا إلى التعقب على أصحاب المسانيد ومصنفي الأطراف في عدة مواضع يتعين الحمل فيها على ما وصفنا من المراد بهذه العنعنة، انتهى كلام الحافظ ونقله الصنعاني في التوضيح.

ثم ذكر قاعدة مهمة وهي أن الراوي إذا روى حديثاً في قصة أو واقعة فإن أدرك ذلك فهو متصل وإن لم يُعلَم أنه شاهدها وإن لم يدرك ذلك فهو مرسل إن كان صحابياً ومنقطع إن كان دونه فقال:

١٦٣ - وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ رَوَى ... مُتَّصِلٌ، وَغَيْرُهُ قَطْعًا حَوَى

(وكل) مبتدأ على حذف مضاف أي حديث كل (من أدرك) من الرواة سواء كان صحابياً أو من دونه (ما) مفعول به لأدرك واقعة على قصة أو واقعة (له) مفعول قولِهِ (روى) زيدت فيه اللام للتقوية لتقدمه فإنه متعد، يقال: رويت الحديث إذا حملته ونقلته، مأخوذ من روى البعير الماء يرويه من باب رمى: حمله فهو راوية والهاء فيه للمبالغة.

(متصل) خبر كل، والمعنى: أن كل من روى قصة أو واقعة أدركها

<<  <  ج: ص:  >  >>