ذلك إلا في المسموع فإذا ثبت التلاقي غلب على الظن الاتصال، والباب مبني على غلبته فاكتفينا به، وهذا غير موجود بمجرد إمكان اللقي ولم يثبت فإنه لا يغلب على الظن الاتصال بل يُشَكّ في حاله، وأما ما أورده مسلم عليهم من لزوم رد المعنعن دائماً لاحتمال عدم السماع فليس بوارد، إذ المسألة مفروضة في غير المدلس، ومن عنعن ما لم يسمعه فهو مدلس اهـ كلام الحافظ.
وما تقدم كله هو عرف المتقدمين، وأما المتأخرون فقد اصطلحوا على أنهما للإجازة كما أشار إليه بقوله:
(واستعملا) بالبناء للمفعول، والضمير عائد على عَن وأنَّ (إجازة) مفعول لأجله، أو منصوب بنزع الخافض أي لأجل إجازة أو في إجازة (في ذا الزمن) أي في هذا الوقت المتأخر، وهو بعد الخمسمائة كما قاله الحافظ وتبعه السخاوي.
وحاصل المعنى: أن المتأخرين قد اصطلحوا على أن عَن وأنَّ للإجازة فهي عندهم بمنزلة أخبرنا لكنه إخبار جُمْلِيّ كما قاله الحافظ.
فإذا قال أحدهم مثلًا: قرأت على فلان عن فلان أو أن فلاناً حدثه فمراده بذلك أنه رواه بالإجازة وذلك لا يخرجه عن الاتصال.
لكن قال في التدريب هذا في المشارقة، وأما في المغاربة فيستعملونها في السماع والإجازة معاً اهـ.
وحاصل الكلام على عَنْ كما حققه الحافظ رحمه الله قائلاً: إن للفظ عن ثلاثةَ أحوال: أحدها: بمنزلة حدثنا وأخبرنا بالشرط السابق.
الثاني: أنها ليست بتلك المنزلة إذا صدرت من مدلس وهاتان الحالتان مختصة بالمتقدمين، وأما المتأخرون وهم من بعد الخمسمائة وهلم جرا فاصطلحوا عليها للإجازة فهي بمنزلة أخبرنا لكنه إخبار جملي كما