ومن العلماء من شدد في هذا الباب فاشترط طول الصحبة أو عرفانه بالأخذ كما أشار إليه بقوله:
(وبعضهم) أي بعض العلماء، وهو أبو المظفر بن السمعاني الشافعي، وهو مبتدأ خبره جملة شرط، وقوله:(طول صحابة) مفعول مقدم لـ (شرط) والصحابة بالكسر والفتح مصدر صحبه، والمعنى أن بعض العلماء شرط زيادة على اللقاء طول صحبة المعنعن للمعنعن عنه ولم يكتف بثبوت اللقاء (وبعضهم) مبتدأ، خبره محذوف لدلالة ما قبله أي شرط (عرفانه) بكسر فسكون مصدر عرف مفعول به لشرط المقدر، أي كون الراوي معروفاً (بالأخذ) أي الرواية (عن) أي عمن روى عنه، وحذف مجرور عن ضرورة، والمعنى أن بعضهم شرط لقبول العنعنة ونحوها زيادة على ما تقدم كونه معروفاً بالأخذ عمن عنعن عنه، وهذا القول لأبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ الداني (١)، وحاصله أنه يشترط زيادة على اللقاء وطول الصحبة كونه معروفاً بالأخذ عمن روى عنه كما حكاه ابن الصلاح بلفظ إذا كان معروفاً بالرواية عنه.
وحكى الزركشي عنه ونقل عن أبي الحسن القابسي أيضاً اشتراط إدراك الناقل للمنقول عنه إدراكاً بينا، قال السخاوي بعد أن حكى القولين عنه ما نصه: فإما أن يكون أحدهما وَهْماً أو قالهما معاً فإنه لا مانع من الجمع بينهما، بل قد يحتمل الكناية بذلك عن اللقاء، إذ معرفة الراوي بالأخذ عن شيخ بل وإكثاره عنه قد يحصل لمن لم يلقه إلا مرة اهـ.
وقال الحافظ: من حكم بالانقطاع شدد. ويليه من شرط طول الصحبة، ومن اكتفى بالمعاصرة سهل، والوسط الذي ليس بعده إلا التعنت مذهب البخاري ومن وافقه، والدليل له أن الظاهر من غير المدلس أنه لا يطلق ذلك إلا على السماع، والاستقراءُ يدل عليه أن عادتهم عدم إطلاق