للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الصلاح وفيه أي في تدليس الشيوخ تضييِع للمروي عنه بعدم معرفة عينه ولا حاله، وقال العراقي: وللحديث أيضاً بأن لا يتنبه له فيصير بعض رواته مجهولًا فهذه مفسدة عظيمة قاله الصنعاني.

ثم إن هذا الفعل يختلف في الكراهة باختلاف القصد الحامل له على ذلك فشره أن يكون لضعفه وإليه أشار بقوله: (فإن يكن) أي التدليس (لكونه) أي ذلك الشيخ (يضعف) أي يحكم عليه بالضعف (فقيل) أي قال بعضهم هذا (جرح) أي جارح فاعله، أو مجروح فاعله.

والمعنى أن السبب الحامل للتدليس إن كان لضعف المروي عنه فيدلسه حتى لا يظهر روايته عن الضعفاء فهذا يَجرَح فاعله لكونه غَشًّا للمسلمين.

وهذا القول لابن الصباغ فإنه جزم في العدة بأن من فعل ذلك لكون شيخه غير ثقة عند النَّاس فغَيَّره ليقبلوا خبره يجب أن لا يقبل خبره وإن كان هو يعتقد فيه الثقة لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه هو (١)، وقال الآمدي: إن فعله لضعفه فجرح أو لضعف نسبه أو لاختلافهم في قبول روايته فلا، وقال ابن السمعاني إن كان بحيث لو سئل عنه لم يبينه فجرح وإلا فلا.

والأصح أنه ليس بجرح، بل منع بعضهم إطلاق اسم التدليس عليه، فقد روى البيهقي في المدخل عن محمد بن رافع قال: قلت لأبي عامر كان الثَّوري يدلس قال: لا قلت: أليس إذا دخل كُورَة يعلم أن أهلها لا يكتبون حديث رجل قال: حدثني رجل إذا عُرِفَ الرجل بالاسم كناهُ وإذا عرف بالكنية سماه، قال: تزيين ليس بتدليس أفاده في التدريب.

وقال في التنقيح: وشرحه إذا كان يعتقد أن ضعف من دلسه ضعف يسير يحتمل وعرفه بالصدق والأمانة واعتقد وجوب العمل بخبره لما له من


(١) وقد اعترض كلام ابن الصباغ هذا في التنقيح فانظره فإنه كلام منقح.

<<  <  ج: ص:  >  >>