(ودونه) أي دون تدليس الإسناد بأنواعه وإنما فصله عنه كما قال السخاوي: لعدم الحذف فيه وإنما كان دون الأول لأنه قد زال الغرر فإن شيخه الذي دلس اسمه إما أن يعرف فيزول الغرر أو لا يعرف فيكون في الإسناد مجهول قاله في التنقيح، والظرف خبر مقدم لقوله (تدليس شيخ) من شيوخ الراوي أي ما يسمى بذلك وقوله (يفصح) بالبناء للمفعول أي يُبَيَّن وُيذكرُ ذلك الشيخ يقال: أفصح عن الشيء بينه وكشفه، والجملة صفة شيخ أي يظهر في السَّند، ولا يحذف، أو بالبناء للفاعل أي يظهره الراوي ولا يحذفه (بوصفه) متعلق بيفصح، والباء بمعنى مع أي مع وصفه (بصفة) من صفاته (لا يعرف) بها بين النَّاس، وفي نسخة المحقق بوصفه بغير وصف يعرف والمعنى واحد.
وحاصل المعنى أن تدليس الشيوخ هو أن يصف المدلس شيخه الذي سمع منه بصِفةٍ لا يعرف بها من اسم أو كنية أو قبيلة أو بلد أو صنعة أو نحو ذلك لكي يوعر الطريق إلى معرفة السامع له.
من أمثلته قال: أبي بكر بن مجاهد المقرئ حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله يريد به الحافظ أبا بكر بن أبي داود صاحب السنن الحافظ.
وقوله أيضاً: حدثنا محمد بن سند يريد به أبا بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد النقاش نسبة لجد له، قال الحافظ: ليس قوله بصفة لا يعرف بها قيداً بل إذا ذكره بما يعرف به إلا أنه لم يشتهر به كان ذلك تدليساً، كقول الخطيب: أخبرنا علي بن أبي علي البصري، ومراده بذلك أبو القاسم علي بن أبي علي الحسن بن علي التنوخي وأصله من البصرة فقد ذكر بما يعرف به لكنه لم يشتهر بذلك وإنما اشتهر بكنيته واشتهر أبوه باسمه واشتهرا بنسبتهما إلى القبيلة لا إلى البلد ولهذا نظائر كصنيع البخاري في الذهلي فإنه تارة يسميه فقط فيقول حدثنا محمد وتارة يقول محمد بن عبد الله فينسبه إلى جده وتارة يقول محمد بن خالد فينسبه إلى والد جده وكل ذلك صحيح إلا أن شهرته بمحمد بن يَحْيَى الذهلي ذكره في التوضيح.