(ومنه) أي من تدليس الشيوخ خبر مقدم لقوله (إعطاء شيوخ فيها) أي في الأسانيد (اسم مسمى) مفعول ثان لإعطاء، وقوله:(آخَرٍ) صفة لمسمى، وصرف للضرورة، أي إعطاء شيخ من شيوخ الإسناد اسم شخص آخر وذلك الشخص مشهور (تشبيها) مفعول لأجله أي لأجل تشبيه ذلك الشيخ بذلك الشخص المشهور.
وحاصل المعنى: أن من تدليس الشيوخ إعطاء شخص اسم آخر مشهور تشبيهاً، ذكر هذا ابن السبكي في جمع الجوامع قال كقولنا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ يعني الذهبي تشبيهاً بالبيهقي حيث يقول ذلك يريد به الحاكم.
وكقول الناظم: حدثنا أبو الفضل الحافظ يعني ابن فهد تشبيهاً بالحافظ ابن حجرٍ حيث يقول ذلك ويريد به العراقي، وكذا إيهام اللقي والرحلة. كحدثنا من وراء النهر يوهم أنه جيحون ويريد نهر عيسى ببغداد، أو الجيزة بمصر، وليس ذلك بجرح قطعاً كما قاله جماعة من المحققين لأن ذلك من باب المعاريض لا من باب الكذب قاله الآمدي في الأحكام وابن دقيق العيد في الاقتراح.
(تنبيهات): الأول: قال الحافظ ويلحق بقسم تدليس الشيوخ تدليس البلاد كما إذا قال المصري: حدثني فلان بالأندلس فأراد موضعاً بالقرافة، أو قال بزقاق حلب وأراد موضعاً بالقاهرة، أو قال البغدادي: حدثني فلان بما وراء النهر وأراد نهر دجلة، أو قال بالرقة وأراد بستاناً على شاطئ دجلة، أو قال الدمشقي: وحدثني بالكرك وأراد كرك نوح وهو بالقرب من دمشق، ولذلك أمثلة كثيرة، وحكمه الكراهة لأنه يدخل في باب التشبع، وإيهام الرحلة في طلب الحديث إلا أن تكون هناك قرينة تدل على عدم إرادة التكثر فلا كراهة انتهى كلام الحافظ. اهـ توضيح.
(الثاني): قال في التدريب: استدل على أن التدليس ليس بحرام بما أخرجه ابن عدي عن البراء قال: " لم يكن فينا فارس يوم بدر إلا المقداد "