للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كاستكثار) أي كما يكون أخف إذا كان الحامل له على ذلك استكثار الشيوخ أي طلب كثرتهم عند السامعين موهماً لهم كونه يروى عن مشايخ كثيرين بحيث يظن الواحد ببادىء الرأي جماعة.

قال السخاوي: وإلى ذلك أشار الخطيب بقوله أو تكون أحاديثه التي عنده عنه كثيرة فلا يحب تكرار الرواية عنه فغير حاله لذلك.

وقال السخاوي قلت: ولكن لا يلزم كون الناظر قد يتوهم الإكثار أن يكون مقصوداً لفاعله بل الظن بالأئمة خصوصاً من اشتهر إكثاره مع ورعه خلافه لما يتضمن من التشبع والتزين الذي يراعى تجنبه أرباب الصلاح والقلوب ولا مانع من قصدهم به الاختبار لليقظة والالتفات إلى حسن النظر في الرواة وأحوالهم إلى آخر ما قدمناه عن الحافظ.

وفي التنقيح مع التوضيح: وهذا يعنى إيهام كثرة الشيوخ مقصد يلوح على صاحبه بمحبته الثناء وشوب الإخلاص إذ إيهام كثرة الشيوخ دال على محبته لمدحه بكثرة ملاقاة من أخذ عنه وهمته ورغبته، مع أن له محملاً صالحاً إذا تؤمل وهو أن يكون كثير الشيوخ أجل قدراً مع من لا يميز الأكثرون فيكون ذلك داعياً لهم إلى الأخذ عن الراوي وذلك يشتمل على قربة عظيمة وهي إشاعة الأخبار النبوية.

(تنبيه): وممن اشتهر بتدليس الشيوخ الخطيب فقد كان لَهِجاً به في تصانيفه، قال الحافظ: ينبغي أن يكون الخطيب قدوة في ذلك وأن يستدل بفعله على جوازه (١) فإنه إنما يعمى على غير أهل الفن، وأما أهله فلا يخفى ذلك عليهم لمعرفتهم بالتراجم، ولم يكن الخطيب يفعل ذلك إيهاماً للكثرة فإنه مكثر من الشيوخ والمروياتِ والناسُ بعده عيال عليه وإنما يفعل ذلك تفننا في العبارة أفاده في التوضيح.

ثم إن من أقسام التدليس ما هو عكس هذا كما أشار إليه بقوله:


(١) في استدلاله بفعل الخطيب على الجواز نظر، إذ الجواز حكم، والحكم لا يثبت إلا بنص. فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>