للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قلت: من كان رأيه أنه إذا تعارض الوصل والإرسال وفسر الشَّاذ بأنه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه أنه يقدم الوصل مطلقاً سواء كان رواة الإرسال أقل أو أكثر أحفظ أم لا فإذا كان راوي الإرسال أرجح ممن روى الوصل مع اشتراكهما في الثقة فقد ثبت كون الوصل شاذا فكيف نحكم له بالصحة مع شرطهم في الصَّحِيح أن لا يكون شاذًّا هذا في غاية الإشكال.

قلت: قال الحافظ ابن حجرٍ: إنه يمكن بأن يجاب عنه بأن اشتراط نفي الشذوذ في رسم الصَّحِيح إنما يقوله المحدثون وهم القائلون بترجيح رواية الأحفظ إذا تعارض الوصل والإرسال والفقهاء وأهل الأصول لا يقولون بذلك فأهل الحديث يشترطون أن لا يكون الحديث شاذًّا ويقولون: إن من أرسل من الثقات فإن كان أرجح ممن وصل من الثقات قدم العكس، ويأتي فيه الاحتمال عن القاضي وهو أن الشذوذ إنما يقدح في الاحتجاج لا في التسمية. اهـ كلام الصنعاني رحمه الله تعالى.

ثم إن ما ذكره الحاكم والخليلي مشكل كما قال ابن الصلاح وتبعه النووي بافراد العدل الضابط كحديث: " إنما الأعمال بالنيات " والنهي عن بيع الولاء وغير ذلك مما في الصَّحِيحِ، فالصَّحِيح التفصيل فإن كان بتفرده مخالفاً أحفظ وأضبط كان شاذًّا مردوداً وإن لم يخالف الراوي فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بضبطه كان تفرده صحيحاً وإن لم يوثق بضبطه ولم يبعد عن درجة الضابط كان حسناً وإن بعد كان شاذًّا منكراً مردوداً.

والحاصل أن الشَّاذ المردود هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يجبر به تفرده. اهـ تقريب.

(تَتِمَّة): الزيادة هنا قوله أرجح محفوظ فقط والله أعلم.

ولما كان الشَّاذ والمنكر بمعنى واحد على قولٍ، ويجتمعان في اشتراط المخالفة ويفترقان في كون الشَّاذ راويه ثقة، والمنكر راويه ضعيفاً على قول المحققين، ناسب أن يذكر المنكر بعده فلذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>