كان الراوي ثقة أو غير ثقة خالف أو لم يخالف وهذا القول للحافظ أبي يعلى الخليلي (١)، قال: والذي عليه حفاظ الحديث أن الشَّاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به فجعل الشَّاذ مطلق التفرد لا مع اعتبار المخالفة. اهـ تدريب.
وملخص الأقوال الثلاثة: أن القول الأول قَيَّدَ الشَّاذ بقيدين الثقة والمخالفة، والثاني بالثقة فقط على ما قال الناظم.
والثالث لم يقيده بشيء أي سوى التفرد، وحاصل كلامهم كما قال الحافظ: أن الخليلي يسوي بين الشَّاذ والفرد المطلق فيلزم على قوله أن يكون في الشَّاذ الصَّحِيح وغيره فكلامه أعم، وأخص منه كلام الحاكم لأنه يخرج تفرد غير الثقة، ويلزم على قوله أن يكون في الصَّحِيح الشَّاذ وغيره، بل اعتمد ذلك في صنيعه حيث يذكر في أمثلة الشَّاذِّ حديثاً أخرجه البخاري في صحيحه من الوجه الذي حكم عليه بالشذوذ، وأخص منه كلام الشافعي لتقييده بالمخالفة مع كونه يلزم عليه ما يلزم على قول الحاكم لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح وأن الرواية الراجحة أولى، وهل يلزم من ذلك عدم الحكم عليه بالصحة محل توقف أشير إليه في الكلام على الصَّحِيح وأنه يقدح في الاحتجاج لا في التسمية، ويستأنس لذلك بالمثال الذي أورده الحاكم مع كونه في الصَّحِيح فإنه موافق على صحته، إلا أنه يسميه شاذًّا ولا مشاحة في التسمية أفاده العلامة السخاوي رحمه الله.
وقال العلامة الصنعاني رحمه الله: فإن قلت قد تقدم لهم في رسم الصَّحِيح قيدُ أن لا يكون شاذًّا وهو يفيد أن الشَّاذ لا يكون صحيحاً لعدم شمول رسمه له قلتُ: لا عذر لمن اشترط نفي الشذوذ عن الصَّحِيح أن يقول: بأن الشَّاذ ليس بصحيح بذلك المعنى.
(١) نسبة لجده الأعلى لأنه هو الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن خليل القزويني. اهـ فح المغيث.