تقدم في الشَّاذ وعند هذا نقول المنكر ينقسم إلى قسمين على ما ذكرناه في الشَّاذ فإنه بمعناه اهـ.
فأفاد أن المنكر والشَّاذ مترادفان، وكتَبَ الحافظُ على قول ابن الصلاح هذا ما نصه: هما مشتركان في كون كل منهما على قسمين وإنما اختلافهما في مراتب الرواة، فالضَّعِيف إذا انفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصَّحِيح والحسن فهذا أحد قسمي الشَّاذ فإن خولف مَن هذه صفتُهُ مع ذلك كان أشد شذوذاً وربما سماه بعضهم منكراً وإن بلغ تلك المرتبة في الضبط لكنه خالف من هو أرجح منه في الثقة والضبط فهذا القسم الثاني من الشَّاذ وهو المعتمد في تسميته.
وأما إذا انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ في بعض دون بعض أو الضَّعِيف في بعض مشايخه بشيء لا متابع له ولا شاهد عليه فهذا أحد قسمي المنكر وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث فإن خولف في ذلك فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين فَبَان بهذا فصل المنكر من الشَّاذ وأن كلا منهما قسمان يجمعهما مطلق التفرد أو مع قيد المخالفة. اهـ من التوضيح.
ثم إن لكل قسم من قسمي المنكر أمثلة كثيرة: فمن أمثلة الأول وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو قال:" لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر بن عثمان بضم العين وذكر مسلم في كتاب التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهري قاله بفتح العين وذكر أن مالكاً كان يشير إلى دار عمر بن عثمان كأنه علم أنهم يخالفونه وعُمَر وعَمرو جميعاً ولدا عثمان غير أن هذا الحديث إنما هو عن عمرو بفتح العين وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه ذكره ابن الصلاح.