عدلان رجلًا يصنف كلاماً، وينسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهل يثبت الوضع بتلك البينة؟ قال العلامة الزركشي رحمه الله: يشبه أن يجيء فيه التردد في أن شهادة الزور هل تثبت بالبينة مع القطع بأنه لا يعمل به؟ اهـ.
(تنبيه): قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: حكي عن بعض المتكلمين إنكار وقوع الوضع بالكلية، وهذا القائل إما لا وجود له، أو هو في غاية البعد عن ممارسة العلوم الشرعية، وقد حاول بعضهم الرد عليه بأنه قد ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - بأنه قد قال:" سيكذب عليَّ " فإن كان هذا صحيحاً فيقع الكذب عليه لا محالة وإن كان كذباً فقد حصل المطلوب، وأجيب عن الأول بأنه لا يلزم وقوعه الآن إذ بقي إلى يوم القيامة أزمان يمكن أن يقع فيها ما ذكر، وهذا القول والاستدلال عليه والجواب عنه من أضعف الأشياء عند أئمة الحديث وحفاظهم الذين كانوا يتضلعون من حفظ الصحاح ويحفظون أمثالها وأضعافها من المكذوبات خشية أن تروج عليهم، أو على أحد من الناس. اهـ تنزيه الشريعة.
قلت: وهذا الحديث مما بحث عنه فلم يوجد كما نبه عليه المحلي في شرح جمع الجوامع. ثم ذكر رحمه الله تعالى الأسباب الحاملة على الوضع وهي كثيرة فقال:
فمن الأسباب الحاملة على الوضع إفساد الدين، وهو الذي أشار إليه بقوله (والواضعون) أي المختلقون للأخبار الكاذبة، مبتدأ حذف خبره أي أقسام (بعضهم) مبتدأ خبره قوله (ليفسدا) بألف الإطلاق أي وضع ليفسد (ديناً) أي دين الإسلام.
وحاصل المعنى: أن بعض الوضاعين يضع الأخبار لأجل أن يفسد الدين وهؤلاء هم الزنادقة وضعوا إفساداً له لاستخفافهم به، وتلبيساً لأمره