صحيح مسلم: استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دل عليه القياس الجلي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبة قولية فيقولون في ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، ولأنهم لا يقيمون لها سنداً. نقله السخاوي في شرح الألفية العراقية. ومنها قصد التكسب والارتزاق وإليه أشار بقوله (كذا) أي مثلما تقدم من أنواع الوضع، وهو خبر لمحذوف أي الوضع (تكسباً) مفعول لأجله أي لأجل الارتزاق به يعني أن وضع الأخبار لأجل التكسب مثلما تقدم من الأنواع.
وحاصل المعنى: أن بعض الوضاعين وهم القصاص حملهم على الوضع قصد التكسب والارتزاق والتقرب للعامة بغرائب الروايات ولهم في هذا غرائب وعجائب، فمنها ما حكاه أبو حاتم البستي أنه دخل مسجداً فقام بعد الصلاة شاب فقال: حدثنا، أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس وذكر حديثاً، قال أبو حاتم: فلما فرغ دعوته قلت: رأيت أبا خليفة؟ قال: لا قلت: كيف تروي ولم تره؟ فقال إن المناقشة معنا من قلة المروة، أنا أحفظ هذا الإسناد فكلما سمعت حديثاً ضممته إليه، ومنها ما رواه ابن حبان عن مؤمل بن إهاب، قال: قام رجل يسأل النَّاس فلم يعط شيئاً فقال: حدثنا يزيد بن هارون، عن شريك عن مغيرة عن إبراهيم قال إذا سأل السائل ثلاثاً فلم يعط فليكبر عليهم ثلاثاً وجعل يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ثم مَرَّ، فذكر ذلك ليزيد بن هارون، فقال كذب عليَّ الخبيثُ ما سمعت بهذا الحديث قط.
ومنها التقرب إلى الملوك والأمراء وإليه أشار بقوله (وبعض) من الوضاعين مبتدأ خبره قوله (قد روى) أي أخبر (للأمراء ما) أي الخبر الذي (يوافق الهوى) أىِ يناسب ما يهوونه ويحبونه من الأفعال والأقوال والأحوال.
وحاصل المعنى: أن بعض الوضاعين حملهم على الوضع قصد التقرب إلى الملوك والخلفاء والأمراء بالأقوال المختلقة المكذوبة على