للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إرضاء للأهواء الشخصية، ونَصْراً للأحوال السياسية كغِيَاث ابن إبراهيم النخعي الكوفي الكذاب الخبيث فإنه دخل على المهدي (١) وكان يحب الحمام ويلعب به فإذا قُدَّامَهُ حمام فقيل له: حدِّث أمير المؤمنين فقال: حدثنا فلان عن فلان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح ". فأمر له المهديِ بِبَدْرَةٍ (٢) فلما قام قال: أشهد على قفاك أنه قفا كذاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال المهدي: أنا حملته على ذلك ثم أمر بذبح الحمام، ورفض ما كان عليه.

ومنها الوضع في الترغيب والترهيب احتساباً وإليه أشار بقوله:

٢٦٢ - وَشَرُّهُمْ صُوفِيَّةٌ قَدْ وَضَعُوا ... مُحْتَسِبِينَ الأَجْرَ فِيمَا يَدَّعُوا

٢٦٣ - فَقُبِلَتْ مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ ... حَتَّى أَبَانَهَا الأُولَى هُمُ هُمُ

(وشرهم صوفية) مبتدأ وخبر أي أشر أصناف الواضعين قوم صوفيون، دخيلون في التصوف، نسبوا أنفسهم إلى الزهد حملهم الجهل على الوضع، وقوله (قد وضعوا) صفة لصوفية أي اختلقوا أحاديثَ، حال كونهم (مُحْتسِبينَ الأجر) أي مدخرين الأجر عند الله، يقال احتسبت الأجر على الله أي ادخرته عنده لا أرجوا ثواباً في الدنيا، والاسم الحِسْبَة أفاده في المصباح، (فيما يدعوا) متعلق بمحتسب أي في زعمهم الباطل.

فما مصدرية ويدعوا صلتها نصب بها على قلة حملاً على " أنْ " كما ورد " كما (٣) تكونوا يولى عليكم " ذكره ابن الحاجب قال ابن مالك في إهمال أن حملاً على " ما " كالعكس:


(١) هو محمد بن المنصور العباسى.
(٢) أي عشرة آلاف درهم.
(٣) رواه الحاكم والبيهقي عن حديث يَحْيَى بن هاشم حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أظنه عن أبي بكرة مرفوعاً.
ورواية البيهقي بدون شك بحذف أبي بكرة وفال إنه منقطع وراويه يَحْيَى في عداد من يضع الحديث. اهـ المقاصد الحسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>