فلقد أنشأ الله أقواماً بذلوا جهدهم في الذب عن السنة وتوضيح الصَّحِيح من القبيح، وما أخلى الله عنهم عصراً من الأعصار، وإن قلوا في هذا الزمان، وتناءت بهم الديار فصاروا أعز من الكبريت الأحمر.
ومَرَّ أحمد بن حنبل على نفر من أصحاب الحديث وهم يعرضون كتاباً لهم فقال ما أحسب هؤلاء إلا ممن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة ".
قال ابن حبان: ومَنْ أحقُّ بهذا التأويل من قوم فارقوا الأهل والأوطان، وقنعوا بالكسر والأطمار، في طلب السنن والآثار، يجولون البراري والقفار، ولا يبالون بالبؤس والافتقار، متبعين لآثار السلف الماضين، وسالكين ثَبَجَ مَحَجة الصالحين، بِرَدِّ الكذب عن رسول رب العالمين، وذب الزور عنه حتى وضح للمسلمين المنار، وتبين لهم الصَّحِيح من الموضوع والزورِ من الأخبار. وما أحسن ما قاله العلامة محمد بن المديني رحمه الله في وصفهم: من الطويل