للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمحذوف أي مراده ترتيبه والجملة جواب الشرط. (وصنعه) بالصاد وفي نسخة ووضعه بالضاد. والمعنى متقارب، وهو عطف تفسير لترتيب، أو المراد بالترتيب ترتيب الأبواب، والأحاديثِ بحيث يذكر كل باب وحديث إلى جنب مناسبه، وفي مظانه، وبالصنع حسن صناعة الحديث من حيث تلخيص الطرق، والاحترازُ من تحويل الأسانيد عند الاتفاق من غير تنبيه على اختلاف ألفاظ الرواة في متن، أو إسناد، ولو في حرف واحد, فالعطف للمغايَرَهِّ (قد أحكَمَا) بالبناء للفاعلِ والألف إطلاقية، والجملة حال من مسلم أي حال كونه مُحْكِماً أي متقناً لترتيبه، وصنعه، أو للمفعول, والألف ضمير راجعة إلى الترتيب والصنع، أي حال كونهما مُحْكَمَينِ.

وحاصل معنى البيت أن من فَضُّلَ صحيح مسلم على صحيح البخاري وهو الإمام أبو علي النيسابوري شيخ الحاكم وبعض شيوخ المغاربة ليس تفضيله من حيث الأصحية، وإنما هي من حيث الترتيب وجودة تلخيص الطرق بغير زيادة، ولا نقصان، وتنبيه على الرواية المصرحة بسماع المدلسين، وجمع الطرق في مكان واحد، بأسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فسهل تناوله بخلاف البخاري فإنه قطعها في الأبواب بسبب استنباط الأحكام منها. وأورد كثيراً منها في غير مَظِنتها.

ولما اعترضَ على الشيخين بعضُ النقاد بعضَ الأحاديث مع كون الصواب معهما أراد أن يبين ذلك فقال:

٤٧ - وَانْتَقَدُوا عَلَيْهِمَا يَسِيرَا ... فَكَمْ تَرَى نَحْوَهُمَا نَصِيرَا

(وانتقدوا) أي اعترض بعض أهل النقد كالدارقطني، وأبي علي الغساني الجياني، وأبي ذر الهروي، وأبي مسعود الدمشقي، وغيرهم.

(عليهما) أي البخاري ومسلم (يسيرا) أي قليلاً من أحاديثهما، وعدتها كما قال الحافظ مائتان وعشرة أحاديث، اشتركا في اثنين وثلاثين، واختص البخاري بثمانين إلا اثنين، ومسلم بمائة. (فكم) خبرية بمعنى كثيرٍ مفعولٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>