مقدم لقوله (ترى) بالتاء أيها الطالب، وفي نسخة بالنون أي رأينا كثيراً من العلماء المبرزين، والحفاظ المتقنين (نحوهما) أي قصدهما. وهو جمعُ الصَّحِيح مفعول مقدم لقوله (نصيرا) أي مانعا، أو معيناً من أن يتطرق إليه قدح قادح.
ومعنى البيت أن بعض الحفاظ انتقد على الشيخين بعض الأحاديث في صحيحهما إلا أن كثيراً من الحفاظ نصروا الشيخين لكون الصواب معهما، وذلك لتقدمهما على أهل عصرهما، ومن بعده من أهل هذا الفن في معرفة الصَّحِيح، والمعلل، فلا يخرجان إلا ما لا علة له، أو له علة غير مؤثرة عندهما، فإذا اعترض عليهما معترض كان ذلك مقابلًا لتصحيحهما, وقَدْ عُلِمَ كونهما مقدمين في ذلك، فيندفع الاعتراض هذا من حيث الجملة.
وأما من حيث التفصيل: فلأن الأحاديث المنتقدة عليهما ستة أقسام: الأول: ما يختلف فيه الرواة بالزيادة والنقص من رجال الإسناد, فإن أخرج صاحب الصَّحِيح الطريق المزيدة، وعلله الناقد بالناقصة فهو تعليل مردود، لأن الراوي إن كان سمعه فالزيادة لا تضر لأنه قد يكون سمعه بواسطة، ثم لقيه فسمعه منه، وإن لم يسمعه في الطريق الناقصة فهو منقطع ضعيف والضَّعِيف لا يُعِلُّ الصَّحِيح.
الثاني: ما تختلف فيه الرواة بتغيير رجال بعض الإسناد، والجوابُ
عنه أنه إن أمكن الجمع بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما حيث يكون المختلفون في ذلك مُتَعادِلِينَ في الحفظ والعدد، أو متفاوِتينَ فيخرج الطريقة الراجحة ويعرض عن المرجوحة، أو يشير إليها فالتعليل بجميع ذلك لمجرد الاختلاف غير قادح, إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف.