للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنهم ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول، لأن الثقة بها أثبت لما يدخل من الوهم على السامع والمسمع، (والأصح) من الأقوال، وهو الذي عليه المحققون أنها (تلي) السماع، بل والقراءة في الرتبة: فهي منحطة عنهما.

وهذا قول سفيان الثَّوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأبي حنيفة، والشافعي، والبويطي، والمزني، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن يَحْيَى، ومالك.

وقال الحاكم: وعليه عهدنا أئمتنا، وإليه ذهبوا، وإليه نذهب، واحتج له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " نضر الله امراً سمع مقالتي فوعاها حتى يؤديها إلى من لم يسمعها " (١)، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: " تسمعون ويسمع منكم " (٢) فإنها لم يذكر فيها غير السماع، فدل على أفضليته. (وسبقها) مبتدأ خبره قوله " وضح " أي سبقُ المناولةِ المقرونةِ بالإجازة أي تقدمها في الرتبة (إجازة) أي مجردة من المناولة (وضح)، لأن تلك مختلف فيها دون هذه، لما ذكرنا من الإجماع، وإنما أخرت عنها في الذكر، لأنها جزء لأول نوعيها، أو لكون الإجازة تشمل المروي الكثير بخلافها على الأغلب، أو لقلة استعمال المناولة على الوجه الأكمل الفاضل، أو لاشتمال كل منهما على فاضل ومفضول، إذ أول أنواع الإجازة، أعلى من ثاني نوعي المناولة، فلم ينحصر لذلك التقديم في واحد، وحينئذ فقدمت الإجازة لكثرة استعمالها.

ثم إنه بقي من صُوَرِ هذا النوع الذي هو المناولة المقرونة بالإجازة صورتان: الأولى هي المناولة ثم الاسترداد، وإليه أشار إليه بقوله:

٤٠٥ - وَصَحَّ إِنْ نَاوَلَ وَاسْتَرَدَّا ... وَمِنْ مُسَاوِي ذَاكَ الاصْلِ أَدَّى

(وصح) التحمل (إن) شرطية (ناول) أي أعطى الشيخ الطالب الكتاب ونحوه، مع الإجازة له بروايته (و) لكنه (استردا) بألف الإطلاق، أي طلب


(١) صحيح أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم بألفاظ. انظر صحيح الجامع الصغير جـ ٢ ص: ١١٤٥ - ١١٤٦.
(٢) صحيح أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم. انظر صحيح الجامع جـ ١ ص: ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>