الرابعة: مسألة الأمي والضرير الذين لا يحفظان حديثهما من فم من حَدَّثَهُمَا. فالجمهور على صحة روايتهما إذا ضبط لهما سماعهما ثقة، وحَفِظَا كتابهما عن التغيير بحسب حالهما، ولو بثقة غيرِهما إلى الأداء مع الاستعانة حين الأداء أيضاً بثقة في القراءة بحيث يغلب على الظن سلامته من الزيادة والنقص والتغيير ونحوها.
ومنع من ذلك غير واحد من الأئمة كابن معين، وأحمد، لجواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما.
ثم ذكر حكم من أراد رواية الحديث من نسخة ليس فيها سماعه، ولا هي مقابَلة بنسخة سماعه غير أنها سمعت على شيخه، أو فيها سماع شيخه على شيخه، فقال:
(ومن) موصولة مبتدأ خبره جملة " لن يجوزوه "(روى) أي أراد الرواية (من) نسخة (غير أصله) أي سماعه، يعني: أنها ليست مما سمعها على شيخه، ولا هي مقابلة بها كما هو الأولى في ذلك. (بأن يسمع فيها) الباء بمعنى مع، ويسمع ثلاثي بفتح الياء أي يسمع في تلك النسخة التي أراد الرواية عنها (الشيخ) الذي سمع هو عليه في نسخة خِلَافِهَا على الشيخ الأعلى (أو يسمع) من الإسماع رباعياً، أي غيرَه، يعني أن الشيخ أسمع في تلك النسخة غير ذلك الشخص الذي أراد الرواية منها (لن يجوزوه) أي لم يجز هذا الفعل جمهور المحدثين، لأنه قد يكون في تلك النسخة زائد ليست في نسخة سماعه.
وحاصل المعنى: أنه إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة به ولكن سمعت على شيخه، أو فيها سماع شيخه على الشيخ الأعلى، وكذا إذا كتبت عن شيخه، وسكنت نفسه إليها لم يُجِزِ الرواية منها عامة المحدثين وقطع بها ابن الصباغ.