على الإطلاق: علم الحديث، والمراد بالأثر ما يشمل المرفوع، والموقوف، أي هو من أشرفها، وعبارة ابن الصلاح: علم الحديث علم شريف، وذلك لأن وُصْلة إِلى البحث عن تصحيح أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله، والذَّبِّ عن أن ينسب إليه ما لم يقله، ولأن سائر العلوم محتاجة إليه.
(فصحح النية) الفاء فصيحية، أي فإذا كان الحديث من أشرف العلوم، فصحح أيها المحدث نيتك في حال التحديث، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى.
(ثم) بعد تصحيحك النية (طهر قلباً) لك (من) أعراض (الدنيا) لأن تبليغ العلم من وظائف الأنبياء، فكما لا يطلبون هم أجراً على التبليغ إلا من الله تعالى، فكذلك من قام مقامهم ينبغي له الاقتداء بهم.
(وزد) أيها المحدث على ما تقدم (حرصاً) أي شدة اهتمام (على نشر الحديث) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " بلغوا عني " الحديث، وقوله:" ليبلغ الشاهد منكم الغائب " رواهما الشيخان. ثم إنهم اختلفوا في السن الذي يحسن أن يتصدى للتحديث فيه، فقيل خمسون لأنها انتهاء الكهولة، ومجتمع الأشد، ولا ينكر في الأربعين لأنها حد الاستواء، ومنتهى الكمال.
والصَّحِيح أنه يحدث إذا احتيج إليه في أيّ سِنٍّ كان، وإليه أشار بقوله:(ثم من) شرطية (يحتج) بالبناء للمفعول (إلى ما) أي إلى الحديث الذي ثبت (عنده) وقوله: (حدث) جواب الشرط أي تصدى للتحديث سواء كان (شيخاً) وهو من استبانت فيه السن، وظهر عليه الشيب، أو من خمسين، أو إحدى وخمسين، إلى آخر عمره، أو إلى الثمانين، وله جموع كثيرة ذكرها في القاموس.
(أو حدث) عطف على شيخ إلا أنه وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، وهو الحديث السن، أي الفتى.
وحاصل المعنى: أن من احتيج إلى ما عنده من الحديث جلس له