الغزو) أي قال بعضهم: هو من لاقاه - صلى الله عليه وسلم - وأقام معه حتى غزا غزوة فأكثر، فقوله: الغزو بالجر بحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على حاله، أي اللقاء مع الغزوِ (أو عام) بالجر أيضاً أي مع عام، يعني: أنه لاقاه وجالسه سنة فأكثر، وهذا القول مروى عن سعيد بن المسيب، وحاصله: أنه كان لا يعد صحابياً إلا من أقام معّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة، أو سنتين، أو غزا معه غزوة، أو غزوتين، لأن لصحبته - صلى الله عليه وسلم - شرفاً عظيماً فلا ينال إلا باجتماع طويل يظهر فيه الخلُق المطبوع عليه الشخص، كالغزو المشتمل على السفر الذي هو قطعة من العذاب، وَالسَّنَة المشتملة على الفصول الأربعة التى يختلف بها المزاج.
قال العراقي: ولا يصح هذا عن ابن المسيب ففي إسناده إليه محمد بن عُمَر الواقدي ضعيف في الحديث اهـ.
وعلى تقدير صحته فهو مردود إذ مقتضاه أن لا يَعدَّ جريراً البجلي وشبهه صحابياً إذ هو أسلم عام وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصَّحِيح، ولا خلاف أنهم صحابة.
(وقيل) الصحابي (مدرك العصر) أي من أدرك زمنه - صلى الله عليه وسلم - (ولو) لم يلق، ولم يرَ، فمدخُولُ " لَوْ " محذوف، يعني: أن الشخص يسمى صحابياً ولو لم يلقه، ولم يره - صلى الله عليه وسلم -، وهذا القول محكي عن يحيى بن عثمان بن صالح المصري، وعَدّ من ذلك عبد َاللْه بن مالك الجيشاني أبا تميم، ولم يرحل إِلى المدينة المنورة إلا في خلافة عمر باتفاق.
فجملة الأقوال في النظم خمسة، وبقي سادس كره في التدريب، وهو أنه من رآه بالغاً حكاه الواقدي وهو شاذ، والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
قال الحافظ: لا خفاء في رجحان رتبة من لازمه - صلى الله عليه وسلم - وقاتل معه أو قُتِل تحت رايته على من لم يلازمه أو لم يحضر معه مَشْهَداً، وعلى من كلمه يسيراً، أو ماشاه قليلاً، أو رآه على بعد، أو فى حال الطفولة، وإن كان