(وبعدهم) أي بعد هؤلاء العشرين (من قل فيها) أي في الفتاوى، وكان الأولى أن يقول أقل لأن قل غير مناسب هنا، يقال: قل الشيءُ صار قليلاً، وأقل الشيءَ جعله قليلاً كقلله، صادفه قليلاً، وأتى بقليلِ أفاده في " ق "، فالمعنى المناسب هنا هو الإتيان بالقليل من الفتاوى، فلو قال بدل الشطر، وَبَعْد مَن أقَلَّ مِنْهَا جِدًّا، لكان أحسن (جدًّا) بالكسر، أي مبالغة يقال: فلان محسن جدًّا، أي نهاية ومبالغة، قاله في المصباح.
والمعنى: أن بعد العشرين صحابِيًّا صَحَابَةً قلَّت فتاويهم جدَّا، لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة الواحدة، والمسألتان، والثلاث، (عشرون) خبر لمحذوف أي هم عشرون صحابياً، أومبتدأ خبره عُدّا. (بعد مائة) حال من عشرين، أي حال كون العشرين بعد مائة من الصحابة، يعني: أنهم مائة وعشرون صحابياً، كأُبي بن كعب، وأبي الدرداء، وأبي طلحة، والمقداد، وسرد الباقين في التدريب، هكذا قال، لكن الذي ذكره ابن حزم في إحكام الأحكام أنهم مائة وأربعة وعشرون فليتأمل. (قد عدا) بالبناء للمفعول، أي ذكر عددهم عند العلماء.
ثم ذكر الصحابة الذين كانوا يفتون في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
(وكان يفتي) النَّاس أي يبين لهم الأحكام (الخلفا) جمع خليفة قُصِرَ للضرورة، وكان شانية، وجملة يفتي الخلفا، خبرها، يعني: أن الخلفاء الأربعة: أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، - رضي الله عنهم - كانوا يفتون الناس، وقوله:(ابن عوف) عطف بحذف عاطف على الخلفاء، أي وعبد الرحمن ابن عوف (أي) تفسيرية (عهد) منصوب على الظرفية متعلق بيفتي، أي في زمن (النبي) - صلى الله عليه وسلم -.