نظرك، فـ (ـاتبع) ما يترجح لديك منها، فقد ألف العلماء، في كل منهما تصانيف كثيرة، ففي الضعفاء ليحيى بن معين، وأبي زرعة الرازي، وللبخاري في كبير وصغير، وللنسائي، وأبي حفص الفَلَّاس، ولأبي أحمد بن عدي، في كامله، وهو أكمل الكتب، وأجلّها، ولكنه توسع فيه فذكر كل من تكلم فيه، وإن كان ثقة، وغيرهم، وأنفع كتاب عليه مُعَوَّل المتأخرين هو ميزان الاعتدال، للذهبي، والتقط منه الحافظ من ليس في تهذيب الكمال، وضم إليه ما فاته، مع تحقيق في كتاب سماه " لسان الميزان "، وله كتابان آخران، تقويم اللسان، وتحرير الميزان، كما أن للذهبي المغني في الضعفاء، وآخر سماه " الضعفاء والمتروكين " إلى غير ذلك.
وفي الثقات فقد صنف أبو حاتم البستي وهو أجمعها ولكن فيه مؤخذات، وكذا العجلي وابن شاهين، وغيرهم، وفي المشترك بينهما ألف الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي كتاب " الجرح والتعديل "، وهو من أنفع ما ألف في هذا الشأن، وغيره.
(وجوز) بالبناء للمفعول (الجرح) أي جرح الرواة، (لِصَوْنِ) لأجل حفظ (الملة) أي الدين يعني: أنه إنما جاز ذكر عيوب الناس مع كون أعراض المسلمين محرمة، لأجل أن يحفظ الدين الإسلامي، عن التبديل، والتحريف وإدخال ما ليس منه فيه، بل هذا واجب لأن الدين النصيحة، وليس من الغيبة المحرمة، وقد أوجب الله تعالى الكشف والتبيين عند خبر الفاسق، حيث قال:(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، وقال - صلى الله عليه وسلم - في الجرح:" بئس أخو العشيرة " وفي التعديل: " إن عبد الله رجل صالح " إلى غير ذلك.
وأجمع المسلمون على ذلك، وتكلم في الرجال جماعة من الصحابة، ثم من التابعين، كالشعبي، وابن سيرين، لكنه في القرن الأول