من البعثة والولادة، وأما وقت الوفاة وإن لم يختلف فيه إلا أنه غير مستحسن لتهييجه للحزن والأسف، واختير كون أول السنة من المحرم لكونه شهر الله، وفيه يكسى البيت، ويضرب الوَرِقُ، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم.
وهو فن عظيم الوقع، من الدين، قديم النفع به للمسلمين لا يُستَغنى عنه، ولا يُعْتَنى بأعمَّ منه خصوصاً ما هو القصد الأعظم منه وهو البحث عن الرواة والفحصُ عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهم لأن الأحكام كلها متلقاة من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله، والنَّقَلَةُ لذلك هم الوسائط، فكانَ التعريف بهم مَنْ الواجبات، ولذا قام به في القديم والحديث النُقادُ الحفاظ من أئمة الحديث، وإلى ذلك أشار بقوله:
(مَعْرِفَةُ الْمَوْلِدِ) مبتدأ خبره قوله: من المهمات، والمولد بكسر اللام زمن الولادة، أي معرفة وقت الولادة (للرواة) أي نقلة الأخبار من الصحابة ومن بعدهم كائن (من) الأمور (المهمات) أي تُهِمُّ الإنسانَ في معرفة دينه (مع) معرفة (الوفاة) أي وقت موتهم، ولذلك قال أبو عبد الله الحميدي: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التَّهَمُّم بها: العلل، والمؤتلف والمختلف، ووفيات الشيوخ، وليس فيه كتاب، يعني على الاستقصاء، وإلا ففيه كتب كالوفيات لابن زَبْر، بفتح فسكون، ولابن قانع، وذَيَّلَ على ابن زَبْر الحافظ عبد العزيز بن أحمد الكتاني، ثم أبو محمد الأكفاني، ثم الحافظ أبو الحسن بن المفضل، ثم الشريف عز الدين أحمد بن محمد الحسيني، ثم المحدث أحمد بن أيبك الدمياطي، ثم الحافظ أبو الفضل العراقي، وذَيَّل عليه ولده ولي الدين، إلى غير ذلك.
ثم ذكر من فوائده ما أشار إليه بقوله:(به) أي بما ذكر من معرفة المولد والوفاة يتعلق بقوله: (يبين) أي يظهر (كذب) الشخص (الذي ادعى)