لنفسه (بأنه من سابق) من الشيوخ (قد سمعا) الحديث، يعني: أن بمعرفة مواليد الرواة ووفياتهم، وكذا قدومهم البلد الفلاني، يتبين كذب من يدعي الرواية من مَشَايخ لم يلقهم، فقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين كما سأل إسماعيل بن عياش رجلاً اختباراً أيَّ سنة كتبت عن خالد بن معدان، فقال سنة ثلاث عشرة ومائة، فقال: أنت تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع سنين، فإنه مات سنة ١٠٦ وقيل (٥) وقيل (٤) وقيل (٣) وقيل (٧)، وسأل الحاكم، محمد بن حاتم الكِسِّي (١) عن مولده لما حَدَّث عن عبد بن حُمَيد، فقال سنة ٢٦٠ فقال: هذا سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.
ولذا قال حفص بن غياث القاضي: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسِّنَّيْن، يعن سِنَّهُ وسِنَّ من كتب عنه، وقال الثَّوري: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ، وقال حسان بن يزيد: لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟ فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه من كذبه.
ومن فوائده أيضاً أنه يتبين به ما في السَّند من انقطاع، أوإعضال، أو تدليس، أو إرسال ظاهر أو خفي، للوقوف به على أن الراوي مثلاً لم يعاصر من روى عنه، أو عاصره ولكن لم يلقه، لكونه في غير بلده، وهو لم يرحل إليها مع كونه ليس له منه إجازة، أو نحوها، وكون الراوي عن بعض المختلط سمع منه قيبل الاختلاط، ويتبين به أيضاً الناسخ والمنسوخ إلى غير ذلك.