قال أبو محمد هكذا والله يقول هؤلاء الفضلاء الذين قلدهم أقوام قد نهوهم عن تقليدهم فإنهم رحمهم الله تبرؤوا في الدنيا والآخرة من كل من قلدهم وفاز أولئك الأفاضل الأخيار وهلك المقلدون لهم بعد ما سمعوا من الوعيد الشديد والنهي عن التقليد وعلموا أن أسلافهم الذين قلدوا قد نهوهم عن تقليدهم وتبرؤوا منهم إن فعلوا ذلك ومن ذلك ما حدثنا أحمد بن عمر ثنا علي بن الحسن بن فهر حدثنا أبو الطاهر محمد بن أحمد الذهلي ثنا جعفر بن محمد الفريابي ثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ثنا مالك قال كان ربيعة يقول لابن شهاب إن حالي ليس يشبه حالك أنا أقول برأيي من شاء أخذه وعمل به ومن شاء تركه وقد ذكرنا قول مالك وندامته على القول به وقال أبو حنيفة علمنا هذا رأي من أتانا بخير منه قبلناه منه وقال عز وجل {وإذا قيل لهم تبعوا مآ أنزل لله قالوا بل نتبع مآ ألفينا عليه آبآءنآ أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} قال أبو محمد وهذا نص ما فعل خصومنا بلا تأويل ولا تدبر بل تعرض عليهم الآية والحديث الصحيح الذي يقرون بصحته وكلاهما مخالف لمذاهب لهم فاسدة فيأبون قبولها لا بفارق ما وجدنا عليه آباءنا وكبراءنا فقد أجابهم تعالى جوابا كافيا وحسبنا الله ونعم الوكيل وقال تعالى {فإن لم يستجيبوا لك فعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغير هدى من لله إن لله لا يهدي لقوم لظالمين} وقال تعالى {أفرأيت من تخذ إلهه هواه وأضله لله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد لله أفلا تذكرون}
قال أبو محمد هذه صفة ظاهرة من كل مقلد يعرفها من نفسه ضرورة لأنه هوى تقليد فلان فقلده بغير علم ووجدناه لا ينتفع بسمعه فيما يسمع من الآي والسنن المخالفة لمذهبه ولا انتفع بصره فيما أري من ذلك ولا بعقله فيما علم من ذلك ووجدناه ترك طلب الهدى من كتاب الله تعالى وكلام نبيه