هذا أن يكون له عليه السلام لفظ لم ينسخ حكمه فيسقط فلا يبلغ إلينا لا لفظه ولا حكمه فهذا الذي نفينا جملة بقوله تعالى {حرمت عليكم لميتة ولدم ولحم لخنزير ومآ أهل لغير لله به ولمنخنقة ولموقوذة ولمتردية ولنطيحة ومآ أكل لسبع إلا ما
ذكيتم وما ذبح على لنصب وأن تستقسموا بلأزلام ذلكم فسق ليوم يئس لذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم لأسلام دينا فمن ضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم} وبقوله تعالى {وما ينطق عن لهوى * إن هو إلا وحي يوحى} وبقوله {إنا نحن نزلنا لذكر وإنا له لحافظون} والحفظ يكون بتبليغ المعنى
فكل حكم نقل إلينا كيفية فعله صلى الله عليه وسلم فيه وصفة حكمه ولم ينقل إلينا نص لفظه في ذلك فهو مما ارتفع لفظه وبقي حكمه وذلك نحو ما روي من قسمه عليه السلام مال البحرين وحكمه بالتمييز مع الشاهد ومساقاته ومزارعته أهل خيبر وما أشبه ذلك فهذا لا بد من أنه قد كان له من ذلك لفظ إلا أنه لم ينقل ونقل الحكم فهم بمنزلة ما ذكرنا أنه رفع لفظه من التلاوة وبقي حكمه ولا فرق وكل ذلك وحي من الله تعالى وأما المنسوخ لفظه وحكمه فمرفوع عنا علمه وتتبعه وطلبه فصل في رد المؤلف على القائلين قال أبو محمد قال بعض القائلين وقد ذكر النسخ وارتفاع اللفظ المنسوخ فقال وهذا وجه من وجوه الحكمة يجوز أن يكون علم الله تعالى أن يرفع هذا اللفظ يصلح ما لا يصلح ببقائه وذلك أنه إذا رفع تعالى الكل فقد علم أننا سنقبل على الأمر الناسخ ولا تتداخلنا فيه الشكوك لأن الله تعالى علم أن سيكون قوم من خلقه يبطلون النسخ فكانوا يضلون ببقاء اللفظ المنسوخ فرفعه لهذا المعنى قال أبو محمد وهذا من أفسد قول في الأرض وأسقطه ويقال لمن قال بهذا الهجر أكان الله تعالى غير قادر من وجوه الصلاح على أكثر من أن يرفع بعض كلامه لئلا يضل به قوم من خلقه أو كان قادرا على أن يكفيهم هذه المؤنة كلها ويهديهم بأن يبين لهم المنسوخ بيانا جليا يرفع به عنهم