وقال تعالى لموسى عليه السلام {إني أنا ربك فخلع نعليك إنك بلواد لمقدس طوى} فكان كون موسى عليه السلام بالوادي المقدس سببا لخلع نعليه ونحن نكون بذلك الوادي وبكل مكان مقدس كمكة والمدينة وبيت المقدس ولا يلزمنا خلع نعالنا ولو كان دخول الوادي المقدس علة للخلع للزمنا ذلك وقال تعالى {إن لله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما لذين آمنوا فيعلمون أنه لحق من ربهم وأما لذين كفروا فيقولون ماذآ أراد لله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا لفاسقين} قال أبو محمد هذه آية كافية إنه لا يحل التعليل في شيء من الدين ولا أن يقول قائل لم حرم هذا وأحل هذا فقد صح قولنا إن قول القائل حرم البر بالبر لأنه مكيل أو أنه مدخل أو أنه مأكول بدعة نعوذ بالله منها فصل في تناقض قولهم في التعليل والقياس قال أبو محمد ونحن نورد إن شاء الله تعالى طرفا يسيرا من تناقضهم في التعليل لندل بذلك عن إفساد مذهبهم وإلا فتناقضهم لو تتبع لدخل في أزيد من ألف ورقة ولعل الله تعالى يعيننا على تقصي ذلك في كتاب الإعراب إن شاء الله تعالى فمن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها فكان يلزمهم أن يجعلوا ما حرم أكله محرما بيعه لكنهم لم يفعلوا ذلك بل
كثير منهم يبيحون بيع الزبول ولا خلاف أن أكل الحيوان حيا كما هو محرم ولا خلاف في جواز بيع أكثره وكذلك فعلوا في قوله صلى الله عليه وسلم في الاستحاضة فإنه عرق فكان يلزمهم أن يجعلوا كل عرق يسيل من الجسد في مثل حكم المستحاضة كما جعلوا