وأيضا فإن حكم واجد الرقبة في كفارة الوطء وواجد النسك من الهدي في التمتع وواجد الغنى في الإطعام والكسوة والرقبة في كفارة اليمين منصوص على لزوم كل ذلك لهم فلو صام كان عاصيا لله عز وجل تاركا لما نص على وجوبه عليه وليس كذلك واجد الطول وآمن العنت لأنه لا نص على منعه من نكاح الإماء أصلا لا في نص ولا في إجماع فبين الأمرين أعظم الفرق وقد ذهب بعضهم وهو أبو يوسف إلى المنع من صلاة الخوف على ما جاءت به الروايات ولقوله تعالى {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم لصلاة فلتقم طآئفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود لذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن لله أعد للكافرين عذابا مهينا} قال فدل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن فينا لم نصل كذلك
قال أبو محمد فأول ما يدخل عليه أنه لا يلزمه ألا يأخذ الأئمة زكاة من أحد لأن الله تعالى قال {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم ولله سميع عليم} فإنما خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما خوطب بتعليمه كيفية صلاة الخوف ولا فرق فقد ظهر تناقضه وأيضا فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي ملزم لنا أن نصلي صلاة الخوف وغير صلاة الخوف كما رئي صلى الله عليه وسلم يصليهما وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم أرضوا مصدقيكم وقوله صلى الله عليه وسلم في كتاب الزكاة فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فرقها فلا يعط موجب لأخذ الأئمة الزكاة بإرسال المصدقين وبالله تعالى التوفيق فصل من هذا الباب قال أبو محمد كل لفظ ورد بنفي ثم استثني منه بلفظة إلا أو لفظة حتى فهو غير جار إلا بما علق به مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ ومثل لا صلاة إلا بأم القرآن ولا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا وهذا هو المفهوم من الخطاب بالضرورة