نعقل ما كنا في أصحاب السعير} فقال لي نعم فقلت له فاقض أن موسى وجميع الأنبياء عليهم السلام كانت لغتهم العربية لأن كلامهم محكي في القرآن عنهم بالعربية فإن قلت هذا كذبت ربك وكذبك ربك في قوله {ومآ أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشآء ويهدي من يشآء وهو العزيز الحكيم} فصح أن الله تعالى إنما يحكي لنا معاني كلام كل قائل في لغته باللغة التي بها نتفاهم ليبين لنا عز وجل فقط وحروف الهجاء واحدة لا تفاضل بينها ولا قبح ولا حسن في بعضها دون بعض وهي تلك بأعيانها في كل لغة فبطلت هذه الدعاوى الزائغة الهجينة وبالله تعالى التوفيق وقد أدى هذا الوسواس العامي اليهود إلى أن استجازوا الكذب والحلف على الباطل بغير العبرانية وادعوا أن الملائكة الذين يرفعون الأعمال لا يفهمون إلا العبرانية فلا يكتبون عليهم غيرها وفي هذا من السخف ما ترى وعالم الخفيات وما في الضمائر عالم بكل لسان ومعانيه عز وجل لا إله إلا هو وهو حسبنا ونعم الوكيل
الباب الخامس في الألفاظ الدائرة بين أهل النظر قال أبو محمد هذا باب خلط فيه كثير ممن تكلم في معانيه وشبك بين المعاني وأوقع الأسماء على غير مسمياتها ومزج بين الحق والباطل فكثر لذلك الشغب والالتباس وعظمت المضرة وخفيت الحقائق ونحن إن شاء الله تعالى بحوله وقوته مميزون معنى كل لفظة على حقيقتها فنقول وبالله تعالى نتأيد الحد هو لفظ وجيز يدل على طبيعة الشيء المخبر عنه كقولك الجسم هو كل طويل عريض عميق فإن الطول والعرض والعمق هي طبائع الجسم