للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم فيضل الله من يشآء ويهدي من يشآء وهو العزيز الحكيم}

وقال تعالى {فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون} فأخبر تعالى أنه لم ينزل القرآن بلغة العرب إلا ليفهم ذلك قومه عليه السلام لا لغير ذلك وقد غلط في ذلك جالينوس فقال إن لغة اليونانيين أفضل اللغات لأن سائر اللغات إنما هي تشبه إما نباح الكلاب أو نقيق الضفادع قال علي وهذا جهل شديد لأن كل سامع لغة ليست لغته ولا يفهمها فهي عنده في النصاب الذي ذكره جالينوس ولا فرق وقد قال قوم العربية أفضل اللغات لأنه بها كلام الله تعالى قال علي وهذا لا معنى له لأن الله عز وجل قد أخبرنا أنه لم يرسل رسولا إلا بلسان قومه وقال تعالى {إني إذا لفي ضلال مبين} وقال تعالى {وإنه لفي زبر الأولين} فبكل لغة قد نزل كلام الله تعالى ووحيه وقد أنزل التوراة والإنجيل والزبور وكلم موسى عليه السلام بالعبرانية وأنزل الصحف على إبراهيم عليه السلام بالسريانية فتساوت اللغات في هذا تساويا واحدا وأما لغة أهل الجنة وأهل النار فلا علم عندنا إلا ما جاء في النص والاجماع ولا نص ولا إجماع في ذلك إلا أنه لا بد لهم من لغة يتكلمون بها ولا يخلو ذلك من أحد ثلاثة أوجه ولا رابع لها إما أن تكون لهم لغة واحدة من اللغات القائمة بيننا الآن وإما أن تكون لهم لغة غير جميع هذا اللغات وإما أن تكون لهم لغات شتى لكن هذه المحاورة التي وصفها الله تعالى توجب القطع بأنهم يتفاهمون بلغة إما بالعربية المختلفة في القرآن عنهم أو بغيرها مما الله تعالى أعلم به وقد ادعى بعضهم أن اللغة العربية هي لغتهم واحتج بقول الله عز وجل {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} فقلت له فقل إنها لغة أهل النار لقوله

تعالى عنهم أنهم قالوا {وما لنآ ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على مآ آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون} ولأنهم قالوا {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من المآء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين}

ولأنهم قالوا {وقالوا لو كنا نسمع أو

<<  <  ج: ص:  >  >>