طرقا من هذا في باب الأخبار وفي باب العموم من كتابنا هذا قال أبو محمد وكذلك قوله تعالى {وإن خفتم ألا تقسطوا في ليتامى فنكحوا ما طاب لكم من لنسآء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} وهم كلهم قد وافقونا على أن كل من لم يخف أيضا
ألا يعدل فمباح له الاقتصار على واحدة وعلى ما ملكت يمينه فتركوا ههنا مذهبهم في دليل الخطاب وكان يلزمهم ألا يبيحوا الواحدة فقط إلا لمن خاف ألا يعدل فإن قالوا إن ذلك إجماع قيل لهم قد أقررتم أن الإجماع قد صح بإسقاط قولكم في دليل الخطاب ويقال لهم سلوا أنفسكم ههنا فقولوا أي فائدة وأي معنى لقصد الله تعالى بالذكر من خاف أن يعدل كما قلتم لنا أي فائدة وأي معنى لقصد الله تعالى بالذكر لمن خاف العنت وعدم الطول وهذا ما لا انفكاك منه والحمد لله فإن قالوا فهلا قلتم مثل هذا في قوله تعالى {وأتموا لحج ولعمرة لله فإن أحصرتم فما ستيسر من لهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ لهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بلعمرة إلى لحج فما ستيسر من لهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في لحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري لمسجد لحرام وتقوا لله وعلموا أن لله شديد لعقاب} وقوله تعالى أيضا {وأتموا لحج ولعمرة لله فإن أحصرتم فما ستيسر من لهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ لهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بلعمرة إلى لحج فما ستيسر من لهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في لحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري لمسجد لحرام وتقوا لله وعلموا أن لله شديد لعقاب} وقوله تعالى {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من لله وكان لله عليما حكيما} فتوجبوا إباحة الصيام لمن وجد الرقبة والهدي قلنا لا سواء والأصل أنه لا يلزمنا صيام فرض أصلا إلا
ما أوجبه نص كما أن الأصل إباحة نكاحة الإماء بقوله تعالى {ليوم أحل لكم لطيبات وطعام لذين أوتوا لكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ولمحصنات من لمؤمنات ولمحصنات من لذين أوتوا لكتاب من قبلكم إذآ آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بلإيمان فقد حبط عمله وهو في لآخرة من لخاسرين} وقوله تعالى {وأنكحوا لأيامى منكم ولصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقرآء يغنهم لله من فضله ولله واسع عليم} فلم نوجب الصوم فرضا إلا حيث أوجبه النص وأحللنا النكاح في كلتا الآيتين لأنهما معا نص واجب وطاعته