الميعان في الزيت علة لتحريمه إن مات فيه فأر قياسا على السمن لكنهم تناقضوا في ذلك وهذا إجماع منهم على ترك الحكم بالعلل والقياس وهكذا يكون الباطل مرة مصحوبا ومرة متروكا وصح قولنا إن ما كان سببا في مكان نص عليه لحكم ما فلا يكون سببا في مكان آخر لم ينص عليه لمثل ذلك الحكم فقالوا معنى التعليل هو إجراء صفة الأصل في فروعه قال أبو محمد وهذا قول فاسد لأن جميع أحكام الشريعة كلها أصول فإن كانوا عنوا بذلك أن الصلاة جملة أصل جامع ثم النوازل فيها فروع إنما هي أجزاء من الصلاة ولا تسمى أجزاء الشيء فروعا له لأن الفرع غير الأصل والأجزاء ليست غير الكل فبطل ما موهوا به من تقسيمهم الشريعة على فروع وأصول وصح أن جميع أحكام الشريعة كلها سواء وأصول ولا يوجد شيء منها إلا عن قرآن أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن إجماع ونص تعالى عن ألا يقرب المشركون المسجد الحرام فقال بعضهم إن علة ذلك تطهير المسجد الحرام منهم فأجروا ذلك في كل مسجد فكان يلزمهم وإذا لزم الحج إلى مكة أن يلزم إلى المدينة لأن مسجد المدينة والمدينة عند القائلين بما ذكرنا أفضل من مسجد مكة ومن مكة وهذا إن طردوا فيه أصولهم كفروا فإذا ادعوا الإجماع المانع لهم من ذلك قيل لهم لا عليكم قيسوا إيجاب جزاء الصيد بالمدينة وحرمه فقد قال بذلك بعض التابعين من الأئمة وقيسوا الجزاء فيما حرم قطعة من شجر الحرم على الجزاء فيما حرم صيده من صيد الحرم فإن لم يفعلوا فقد تناقضوا وتركوا إجراء العمل وتركوا القياس وتركوا أن يتعدوا النص ولو فعلوا هذا في كل مسائلهم لاهتدوا ولنجوا من ضلال القياس وفتنته