الشكوك والحيرة فإن قال لم يقدر الله تعالى على أكثر كفر ووصف نفسه من القدرة بأكثر مما وصف به خالقه عز وجل لأنه دائبا يشرح بزعمه ويبين ليهدي الناس فيما يدعي وإن قال بل إنه تعالى قادر على ما ذكرت قيل له فقد فعل ما غيره أصلح لهم منه وهذا ضد مذهبك الفاسد ويقال له أيضا إذا كانت الحكمة عندك رفع لفظ بعض المنسوخ جملة لئلا يضل به قوم فلأي شيء أبقى تعالى لفظا آخر منسوخا حتى ضل به جماعة أنت أحدهم في أشياء كثيرة تدعي أنت فيها النسخ ويخالفك فيها غيرك وأشياء كثيرة تدعي أنت أنها غير منسوخة ويدعي غيرك فيها النسخ فأين تلك
الحكمة التي تطالب بها ربك تعالى وما الذي جعل رفع ما رفع أولى بالرفع من المنسوخ الذي أبقي لفظه
حتى تحيرت فيه طوائف من أهل الملة وما الذي جعل إبقاء ما أبقي لفظه المنسوخ أولى بالإبقاء مما رفع لفظه من المنسوخ وما الذي أوجب نقض الحكم بما كان أمس فرضا ثم حرم اليوم أو ما كان حراما أمس ثم أبيح اليوم وهل هذا هنا حال استحالت أو طبيعة انتقضت فأوجب ذلك تبديل الشرائع إن هذا لهو الضلال البعيد والغناء الشديد والجهل المظلم والقحة الزائدة وما ههنا شيء أصلا إلا أن الله تعالى أراد أن يحرم علينا بعض ما خلق مدة ما ثم أراد تعالى أن يحرمه علينا ولا علة لشيء من ذلك كما لا علة لبعثه محمدا عليه الصلاة والسلام في العصر الذي بعثه دون أن يبعثه في العصر الذي كان قبله وكما لا علة لكون الصلوات خمسا دون أن تكون ثلاثا أو سبعا