قال أبو محمد فنحن نسألهم أن يعطونا في الأعصار الثلاثة المحمودية عصر الصحابة وعصر التابعين وعصر تابعي التابعين رجلا واحدا قلد عالما كان قبله فأخذ بقوله كله ولم يخالفه في شيء فإن وجدوه ولن يجدوه والله أبدا لأنه لم يكن قط فيهم فلهم متعلق على سبيل المسامحة ولم يجدوه فليوقنوا أنهم قد
أحدثوا بدعة في دين الله تعالى لم يسبقهم إليها أحد وليعلموا أن عصابة من أهل العصر الرابع ابتدعوا في الإسلام هذه البدعة الشنعاء إلا من عصم الله تعالى منهم والبدع محرمة وشر الأمور محدثاتها وليعلموا أن طلاب
سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت والعاملين بها والمتفقهين في القرآن الذين لا يقلدون أحدا هم على منهاج الصحابة والتابعين والأعصار المحمودة وأنهم أهل الحق في كل عصر والأكثرون عند الله تعالى بلا شك وإن قل عددهم وبالله تعالى التوفيق وليعلم من قرأ كتابنا أن هذه البدعة العظيمة نعني التقليد إنما حدثت في الناس وابتدىء بها بعد الأربعين ومائة من تاريخ الهجرة وبعد أزيد من مائة عام وثلاثين عاما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن قط في الأسلام قبل الوقت الذي ذكرنا مسلم واحد فصاعدا على هذه البدعة ولا وجد فيهم رجل يقلد عالما بعينه فيتبع أقواله في الفتيا فيأخذ بها ولا يخالف شيئا منها ثم ابتدأت هذه البدعة من حين ذكرنا في العصر الرابع في القرن المذموم ثم لم تزل تزيد حتى عمت بعد المائتين من الهجرة عموما طبق الأرض إلا من عصم الله عز وجل وتمسك بالأمر الأول الذي كان عليه الصحابة والتابعون وتابعو التابعين بلا خلاف من أحد منهم نسأل الله تعالى أن يثبتنا عليه وألا يعدل بنا عنه وأن يتوب على من تورط في هذه الكبيرة من إخواننا المسلمين وأن يفيء بهم إلى منهاج سلفهم الصالح