تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على لناس ويكون لرسول عليكم شهيدا وما جعلنا لقبلة لتي كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع لرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على لذين هدى لله وما كان لله ليضيع إيمانكم إن لله بلناس لرءوف رحيم} وهكذا فعل أهل قباء صلوا نصف صلاتهم إلى بيت المقدس ولا شك أنهم لم يبتدئوها إلى بيت المقدس إلا والقبلة قد نسخت لكن لما لم يعلموا ذلك لم يلزمهم ما لم يعلموا ولا سقط عنهم ما كان لزمهم إلا بعد بلوغ النسخ إليهم وهكذا القول في كل ما صح نسخه ولم يصح عند بعض الناس وأما إن قامت عليه الحجة فعاند تقليدا ففاسق وهذا في غاية البيان فيما قلنا والحمد لله رب العالمين وأما من بلغه الخبر المنسوخ أو الآية المنسوخة ولم يعرف أنهما منسوخان فأقدم على تركهما بغير علم الناسخ فهو عاص لله تعالى لأنه ترك
الفرض الواجب عليه لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق فهذا وجهان في النص المنسوخ الذي لم يبلغ المرء نسخه ثم وجهان آخران في عكس هذه المسألة وهما نص غير منسوخ من آية أو كلام النبي صلى الله عليه وسلم ظنه عالم من العلماء منسوخا فترك العمل به وأفتى بذلك عاميا وأخبره أن الحديث أو الآية منسوخان فتركه العامي أو عملا به وهما يظنان ويقدران أنه منسوخ وهذا خلاف ما تقدم لأنهما ههنا تركا العمل بما أوجبه الله تعالى عليهما إلا أن من ترك ذلك مجتهدا يرى أن الذي فعل هو الحق ولم يتبين له غيره
بعد فهو مخطىء له أجر واحد ومن ترك ذلك مقلدا فهو عاص لله عز وجل آثم لا حظ له في الآخرة أصلا لأنه ترك الحق للباطل دون اجتهاد فهذه أربعة أوجه ثم وجهان آخران وهما من بلغه حديث صحيح فلم يصح عنده فعمل به أو تركه فأما الذي عمل بحديث صحيح وهو يعتقد فيه أنه غير صحيح فإنه مقدم على ما يرى أنه باطل فهو عاص لله تعالى بنيته في ذلك فإن تركه